بالحق.
(و) اعلم أن قاضي التحكيم لا يتصور في زمان [الغيبة] (1)، بناء على ما أجمعوا عليه ظاهرا - كما في الروضة (2) - من أنه (يشترط فيه ما يشترط في القاضي المنصوب (3))، لأنه حينئذ يكون في زمان الغيبة منصوبا بالنصب العام، لما دل من الاجماع والنص على أن (في حال الغيبة ينفذ قضاء الفقيه من علماء الإمامية، الجامع لشرائط الفتوى) والقضاء، إلا أنا لم نجد مستندا لاعتبار تلك الشروط في قاضي التحكيم، وإن لم نجد أيضا دليلا يعتد به في صحته على وجه الاطلاق، بحيث لا يحتاج في جبر سنده أو دلالته إلى فتوى الأصحاب، المفقودة مع اختلال بعض الشرائط.
ثم إن ثبوت الإذن للفقهاء في القضاء مما لا شك فيه، ولا يبعد وصوله إلى حد ضروري المذهب، ولعل الأصل في ذلك مقبولة ابن حنظلة: " انظروا إلى رجل منكم قد روى حديثنا ونظر في حلالنا وحرامنا وعرف أحكامنا، فارضوا به حكما، فإني قد جعلته عليكم حاكما، فإذا حكم بحكمنا فلم يقبل منه، فبنا استخف (4) وعلينا قد رد، والراد علينا راد على الله " (5).
وقوله في مشهورة أبي خديجة: " انظروا إلى رجل منكم يعلم شيئا من
صفحة ٤٧