في الخصومات بكونهم حكاما على الاطلاق وحججا كذلك، فيدل على انحصار مباشرة فصل الخصومات في من هو مرجع على الاطلاق في جميع الوقائع والأمور، فما استظهره من تلك الأدلة من كونها في مقام بيان المرجع المطلق، يضره ولا ينفعه.
وثانيا: أن مجرد عدم الدليل على عدم الجواز لا يكون دليلا على الجواز، لأن المقام ليس من قبيل الحكم التكليفي حتى يتمسك فيه بأصالة الإباحة، بل أصالة فساد الحكومة تكفي في الحكم ظاهرا بعدم جواز نصب العامي للحكومة.
وأما ما استظهر منه وقوع ذلك من النبي والوصي صلوات الله عليهما وآلهما من نصب القاصرين عن درجة الاستنباط، ففيه: أن المقصود في هذا المقام عدم جواز نصب المقلد في الواقعة التي يقضي فيها، لا وجوب كون المنصوب مجتهدا اصطلاحيا في تلك الواقعة، فلو سمع رجل عامي في غاية قصور الفهم أحكام المواريث من الإمام عليه السلام، فولاه لقطع خصومات المواريث في بلد جاز، وليت شعري هل كان واحد من المنصوبين في عصر النبي والوصي صلوات الله عليهما وآلهما مقلدا لمجتهد؟
هذا كله، مع أن ما ذكر من ولاية المجتهد في جميع ما للإمام عليه السلام الولاية فيه محل كلام، فلو سلم فلا ريب في أن إطلاق ما تقدم - من الاجماعات في عدم مباشرة القضاء للمقلد - كاف في عدم جواز إذن المجتهد، فالمتجه ما عليه المشهور.
ثم لو فرض أن قضى بإذن من يجوز الإذن في القضاء، فهل ينفذ حكمه بحيث يجب على مجتهد آخر إنفاذه؟ وجهان، الأقوى العدم، إلا أن يحكم المجتهد الآذن بإمضائه وإنفاذه، فيجب إنفاذه على غيره، إلا أن
صفحة ٣٩