- مجتهدا أو مقلدا، موافقا في الفتوى والتقليد للمتخاصمين أو مخالفا لهما، أو لا مجتهدا ولا مقلدا - أن يلزمهما على الحكم الذي التزما به من باب الأمر بالمعروف، ومن المعلوم أن هذا ليس قضاء قطعا، وإلا فمجرد وجوب عمل مقلد على فتوى مجتهد لا يوجب الزام غيره عليه مطلقا من باب الأمر بالمعروف أو الحكم بما أنزل الله.
وهذا بخلاف المجتهد، فإنه إذا صح له الاخبار عن حكم الله الواقعي في المسألة بقوله: يجب كذا ويحرم كذا، ويصح ذا، كان له الزام الناس عليه مع التخاصم وبدونه، إلا أن يكونوا أو يصيروا ملتزمين بغيره اجتهادا أو تقليدا.
وبالجملة، فالتمسك بما ذكر من الاطلاقات، مع ما عرفت من حالها في مقابل ما عرفت من الأدلة، ضعيف جدا.
وأضعف منه دعوى أنه وإن لم يجز للمقلد الاستقلال في القضاء، إلا أنه يجوز للمجتهد أن يأذن له فيه، وينصبه للحكومة، نظرا إلى أن للمجتهد من الولاية ما للإمام عليه السلام إلا ما خرج، والظاهر ثبوت هذه الولاية له عليه السلام بأن ينصب عاميا للحكومة، لعدم الدليل على عدم جوازه له، مع ما علم له عليه السلام من الولاية العامة والرئاسة المطلقة، وما دل بظاهره من أدلة نصب الفقهاء على انحصار المرجع في المجتهد، فالمراد به المرجع على الاطلاق في جميع الأمور والوقائع، فلا ينافي جواز نصب الإمام للعامي في خصوص خصومات بلدة، بل يدل على وقوعه أن الظاهر قصور كثير من المنصوبين في زمان النبي والوصي صلوات الله عليهما وآلهما عن درجة الاستنباط.
وفيه، أولا: أن ظاهر نصب أدلة الفقهاء تعليل الأمر بالرجوع إليهم
صفحة ٣٨