حجيته قطعيا ولا ظنيا، ولو سلم الأخير فغايته اثبات الظن بمثله، وهو غير جائز بإطباق العقلاء، انتهى.
وحاصل كلامهم: أن المقلد جاهل بالحكم الواقعي، ولو حصل له ظن به من التقليد، فليس حجة له، نظير حجية ظن المجتهد له، ولهذا يحرم عليه الاخبار عن حكم الله تعالى في المسألة من دون الحكاية، واستند فيه بعضهم إلى أنه قول بما لا يعلم، بأن يقول: يجب كذا، ويحرم كذا (1).
ودعوى أن حرمة ذلك عليه لأجل التدليس اعتراف بما ذكرنا، إذ لو لم يكن الاخبار عن حكم الله حراما على المقلد، لم يكن في اخباره دلالة على الاجتهاد حتى يكون تدليسا.
وبالجملة، فالمعلوم عند المقلد وجوب البناء في أعمال نفسه على فتوى مجتهده، وبه يندفع ما ربما يورد على ما ذكروه في الاستدلال من أن فتوى المقلد أيضا حجة على المقلد كأدلة الفقه بالنسبة إلى المجتهد.
نعم، لو فرضنا المتخاصمين قد قلدا في حكم وافقهما (2) مجتهد ذلك المقلد، كما لو قلد الزوجان في مسألة نكاح البكر البالغة بغير إذن أبيها ذلك المجتهد الحاكم بصحة العقد، ولم نجوز لهما الرجوع، كان لذلك المقلد الذي ترافعا عنده أن يلزمهما على العمل بمذهب مجتهدهما، لأنه هو المعروف بالنسبة إليهما، فيجب أمرهما به.
لكن هذا الأمر والالزام ليس مختصا بمقلد ذلك، بل يجب على كل أحد
صفحة ٣٧