الغير، ولو بالتلف السماوي، إما مراعاة عدم وقوع الضرر على المالكين من جهة أنه لو انحصر المضمن في الاتلاف والتعدي لكان طريق إثبات الاتلاف والتعدي مسدودا غالبا، لصعوبة إثباتهما، وإما من جهة مال المسلم وأن وقوع اليد عليه يوجب الغرامة صيانة لماله وكلا الوجهين لا يأتيان في أيدي الأمناء إذ بعد تسليط المالك الغير على ماله على وجه الاطمينان به كما هو مفاد الاستيمان لا وجه للملاحظتين لأنه المسلط غيره على ماله. وإن شئت توضيح ذلك بوجه أمتن، فنقول: إذا فرض تسليط المالك غيره على ماله على عنوان الاطمينان به كما عليه بناء العقود الاستيمانية فإن القبض فيها على هذا العنوان وإن كان للتغير محل لا يثق به المالك فالاطمئنان المذكور وإن كان لا يقتضي إلا الفراغ عن جهة التعدي والتفريط إلا أن إعطاءه على هذا الوجه يلازم عرفا لرفع اليد عن نفس تلفه أي عن جهة احترام ماله من حيث التلف السماوي إذ لا معنى لرفع التعدي والتفريط بملاحظة الاطمينان مع كون التلف ولو بدونهما مضمنا إذ عليه فهو ضامن على كل تقدير، فلا ثمرة في الملاحظة المذكورة، فهي إنما تنفع بعد رفع اليد عن الجهات الأخر. وربما يشهد لهذا المعنى الأخبار الواردة في أبواب الاستيمان وتعليلاتها، مثل ما رواه محمد بن مسلم، عن أبي جعفر - عليه السلام - قال: سأته عن الرجل يستبضع المال فيهلك أو يسرق أعلى صاحبه ضمان؟ فقال: ليس عليه غرم بعد أن يكون الرجل أمينا (1) فإن نفي الغرم عن المستبضع على الإطلاق وتعليله بأنه أمين إما أن يشمل التغريم مطلقا ولو من جهة التلف السماوي كما هو فرض السؤال، أو يختص بدعوى التعدي والتفريط، كما هو المناسب للتعليل فيكون
صفحة ٣٠