قاعدة جامعة في توحيد الله وإخلاص الوجه والعمل له عبادة واستعانة

ابن تيمية ت. 728 هجري
50

قاعدة جامعة في توحيد الله وإخلاص الوجه والعمل له عبادة واستعانة

محقق

عبد الله بن محمد البصيري

الناشر

دار العاصمة،الرياض

رقم الإصدار

الأولي

سنة النشر

١٤١٨هـ/١٩٩٧م

مكان النشر

المملكة العربية السعودية

سواء، وذلك أن من لم يتألم بالشيء ليس في حقه شرًا، ومن تنعم به فهو في حقه خير، كما كان النبى ﷺ يُعَلِّم من قصَّ عليه أخوه رؤيا أن يقول: " خيرًا تلقاه وشرًا توقاه، خيرًا لنا وشرًا لأعدائنا "، فإنه إذا أصاب العبد شر سُرَّ قلب عدوه، فهو خير لهذا وشر لهذا، ومن لم يكن له وليًا ولا عدوًا فليس في حقه لا خيرًا ولا شرًا، وليس فى مخلوقات الله ما يؤلم الخلق كلهم دائمًا، ولا ما يؤلم جمهورهم دائمًا، بل مخلوقاته إما منعمة لهم أو لجمهورهم فى أغلب الأوقات، كالشمس والعافية، فلم يكن في الموجودات التى خلقها الله ما هو شر مطلقًا عامًا. فعلم أن الشر المخلوق الموجود شر مقيد خاص، وفيه وجه آخر هو به خير وحسن، وهو أغلب وجهيه، كما قال تعالى: ﴿أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ﴾ [السجدة: ٧]،وقال تعالى: ﴿صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ﴾ [النمل: ٨٨]،وقال تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلاَّ بِالْحَقِّ﴾ [الحجر: ٨٥]، وقال: ﴿وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلًا﴾ [آل عمران: ١٩١]

1 / 76