قاعدة جامعة في توحيد الله وإخلاص الوجه والعمل له عبادة واستعانة

ابن تيمية ت. 728 هجري
19

قاعدة جامعة في توحيد الله وإخلاص الوجه والعمل له عبادة واستعانة

محقق

عبد الله بن محمد البصيري

الناشر

دار العاصمة،الرياض

رقم الإصدار

الأولي

سنة النشر

١٤١٨هـ/١٩٩٧م

مكان النشر

المملكة العربية السعودية

دفعوا عنه مضرة كمرض وعدو - ولو بالدعاء أو الثناء - فهم يطلبون العوض إذا لم يكن العمل لله، فأجناد الملوك، وعبيد المالك، وأجَرَاءُ الصانع، وأعوان الرئيس، كلهم إنما يسعون فى نيل أغراضهم به، لا يعرج أكثرهم على قصد منفعة المخدوم، إلا أن يكون قد عُلِمَ وأدِّب من جهة أخرى، فيدخل ذلك فى الجهة الدينية، أو يكون فيها طبع عدل، وإحسان من باب المكافأة والرحمة، وإلا فالمقصود بالقصد الأول هو منفعة نفسه. وهذا من حكمة الله التى أقام بها مصالح خلقه، وقسم بينهم معيشتهم فى الحياة الدنيا، ورفع بعضهم فوق بعض درجات؛ ليتخذ بعضهم بعضًا سخريا. إذا تبين هذا ظهر أن المخلوق لا يقصد منفعتك بالقصد الأول، بل إنما يقصد منفعته بك، وإن كان ذلك قد يكون عليك فيه ضرر إذا لم يراع العدل، فإذا دعوته؛ فقد دعوت مَنْ ضَرُّهُ أقْرَبُ مِن نَفْعِهِ. والرب - سبحانه - يريدك لك، ولمنفعتك بك، لا لينتفع بك، وذلك منفعة عليك بلا مضرة. فتدير هذا، فملاحظة هذا الوجه يمنعك أن ترجو المخلوق أو تطلب منه منفعة لك، فإنه لا يريد ذلك بالقصد الأول، كما أنه لا يقدر

1 / 45