قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة
محقق
ربيع بن هادي عمير المدخلي
الناشر
مكتبة الفرقان
الإصدار
الأولى (لمكتبة الفرقان) ١٤٢٢هـ
سنة النشر
٢٠٠١هـ
مكان النشر
عجمان
٤١١ - ولو نذر السفر إلى مسجده والمسجد الأقصى للصلاة ففيه قولان للشافعي (١) .
= وتطليق امرأته، وتزويج فلانة. لم يلزمه شيء من هذه الوجوه؛ لأنها ليس لها أصل في الفروض المقصودة، كما في كثير من الكتب".
(١) قال الشافعي ﵀ في الأم (٢/٢٥٦): "ولو نذر، فقال عليّ المشي إلى إفريقية أو العراق أو غيرهما من البلدان لم يكن عليه شيء، لأنه ليس لله طاعة في المشي إلى شيء من البلدان، وإنما يكون المشي إلى المواضع التي يرتجى فيها البر، وذلك المسجد الحرام، وأحبّ إليَّ لو نذر أن يمشي إلى مسجد المدينة أن يمشي، وإلى مسجد بيت المقدس أن يمشي؛ لأن رسول الله ﷺ، قال: "لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد؛ المسجد الحرام، ومسجدي هذا، ومسجد بيت المقدس"، ولا يبين لي أن أوجب المشي إلى مسجد النبي ﷺ ومسجد بيت المقدس، كما يبين لي أن أوجب المشي إلى بيت الله الحرام؛ وذلك أن البر بإتيان بيت الله فرض، والبر بإتيان هذين نافلة". وانظر حلية العلماء للقفال الشاشي (٣/٣٤٢) .
وقال أبو إسحاق الشيرازي في المهذب: "وإن نذر المشي إلى المسجد الأقصى ومسجد المدينة ففيه قولان؛ قال في البويطي يلزمه، لأنه مسجد ورد الشرع بشد الرحال إليه، فلزمه المشي إليه بالنذر، كالمسجد الحرام. وقال في الأم: لا يلزمه، لأنه مسجد لا يجب قصده بالنسك، فلم يجب المشي إليه بالنذر كسائر المساجد". وانظر حلية العلماء (٣/٣٤٢) . وذكر النووي هذين القولين في الإيضاح (ص ٥١٨ - ٥١٩) مع شرح ابن حجر الهيتمي. وقال ابن حجر الهيتمي هنا (ص ٥١٩): "ولو نذر زيارة قبره ﷺ لزم الوفاء به؛ لما علمت أنها في القرب المؤكدة، وكذا زيارة قبر غيره ﷺ مما تسن زيارته؛ لأنها قربة مقصودة".
وهذا من العجائب والغرائب، لقد علم ابن حجر أن مذهب الشافعي استحباب الوفاء بالنذر بالذهاب إلى مسجد رسول الله ﷺ وبيت المقدس وتهيبه من القول بالوجوب خوفًا من الله وورعًا، وأكد ذلك النووي في الإيضاح بأن أصح القولين الاستحباب، وأقرهما ابن حجر على ذلك، ثم بعد كل هذا يرى وجوب وفاء النذر بزيارة القبور؛ لأنها في نظره من القرب المؤكدة، فهل شد الرحال إلى مسجد رسول الله وإلى بيت المقدس لا يرقى إلى درجة القرب المؤكدة، وقد حضنا رسول الهدى ﷺ إلى شد الرحال إليهما مع أعظم بيوت الله المسجد الحرام. أهكذا نعامل توجيهات رسول الله ﷺ؟!
إن كان ابن حجر الهيتمي مقلدًا للشافعي فأين تقليده لإمامه هنا؟ ولماذا لا يلزم غرره هنا ويقف حيث وقف إمامه ورعًا وتقوى، وإن كان مجتهدًا فنعوذ بالله من اجتهاد يقوم على مخالفة النصوص الصحيحة الواضحة وعلى مخالفة أئمة الهدى، ويقوم على =
1 / 146