فهذا النوع يصعب الصبر عليه جدًا، لأن النفس تستشعر المؤذي لها١، وهي تكره الغلبة، فتطلب الانتقام، فلا يصبر على هذا النوع إلا الأنبياء والصديقون، وكان نبينا ﷺ إذا أوذي يقول: يرحم الله موسى لقد أوذي بأكثر من هذا فصبر٢ وأخبر عن نبي من الأنبياء أنه ضربه قومه فجعل يقول: "اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون" ٣ وقد روي عنه ﷺ أنه جرى له هذا مع قومه [فجعل يقول مثل ذلك] ٤، فجمع في هذا ثلاثة أمور: العفو عنهم، والاستغفار لهم، والاعتذار عنهم بأنهم لا يعلمون، وهذا النوع من الصبر عاقبته النصر والعز٥ والسرور والأمن والقوة في ذات الله، وزيادة محبة الله ومحبة الناس له وزيادة العلم، ولهذا قال الله تعالى: ﴿وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا
_________
(لها) ساقطة من (ب) .
٢ أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب أحاديث الأنبياء، باب (٢٨)، رقم (٣٤٠٥) .
ومسلم في صحيحه، كتاب الزكاة، باب إعطاء المؤلفة قلوبهم (٣/١٠٩) .
٣ أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب أحاديث الأنبياء، باب (٥٤) رقم (٣٤٧٧) .
ومسلم في صحيحه، كتاب الجهاد، باب غزوة أحد (٥/١٧٩) .
٤ ساقط من (أ) .
وهذا الحديث رواه عبد الله بن مسعود ﵁ قال: "لما قسم رسول الله ﷺ غنائم حنين بالجعرانة ازدحموا عليه فقال رسول الله ﷺ: "إن عبدًا من عباد الله بعثه الله إلى قومه فضربوه وشجوه قال: فجعل يمسح الدم عن جبهته ويقول: رب اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون. قال عبد الله: كأني أنظر إلى رسول الله ﷺ يمسح الدم عن جبهته يحكي الرجل ويقول: رب اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون"، أخرجه الإمام أحمد في المسند (٧/ ٣٧٦) برقم (٤٣٦٦)،ط. مؤسسة الرسالة وقال محققه: صحيح لغيره.
٥ في (ب): (والنصر والهدى) .
1 / 93