قاعدة في المحبة

ابن تيمية ت. 728 هجري
168

قاعدة في المحبة

محقق

محمد رشاد سالم

الناشر

مكتبة التراث الإسلامي

رقم الإصدار

الأولى

مكان النشر

القاهرة

تصانيف

التصوف
فمن لم يتصف بحقيقة الإيمان هو إما قادر وإما عاجز فإن كان قادرا أظهر ما في نفسه بحسب قدرته من الفواحش والإثم والبغي والإشراك بالله والقول عليه بغير علم ومن ترك القسط وترك إقامة الوجه عند كل مسجد ودعاء الله مخلصا له الدين ثم يكون شرهم بحسب كل منهم من حيث نفوسهم وقدرتهم فإن العبد لا يفعل إلا بقدرة وإرادة فمن كان أقدر وأفجر كان أمره أشد كفرعون وأمثاله من الجبارين المتكبرين لا يصبرون عن أهوائهم ولا يتقون الله وأما المؤمن فإنه مع قدرته يفعل ما أمر الله به من البر والتقوى دون ما نهي عنه من الإثم والعدوان ثم أولئك الذين لم يتصفوا بحقيقة الإيمان بل فيهم من الفجور كفر أو نفاق أو فسوق ما فيهم إذا كانوا عاجزين عن إرادتهم لا يقدرون على أهوائهم بنوع من أنواع القدرة تجدهم أذل الناس وأطوع الناس لمن يستعملهم في أغراضهم وأجزع الناس لما أصابهم ذلك أنه ليس في قلوبهم من الإيمان ما يعتاضون به وتستغني به نفوسهم ويصبرون به عما لا يصلح لهم وهذه حال الأمم البعيدة عن العلم والإيمان كالترك التتار والعرب في جاهليتهم فإنهم أعز الناس إذا قدروا وأذل الناس إذا قهروا

1 / 174