قاعدة عظيمة في الفرق بين عبادات أهل الإسلام والإيمان وعبادات أهل الشرك والنفاق
محقق
سليمان بن صالح الغصن
الناشر
دار العاصمة
رقم الإصدار
الثانية ١٤١٨هـ / ١٩٩٧م
مكان النشر
الرياض
تصانيف
كما في قوله: ﴿لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا﴾ [البقرة: ٢٣٣] . وقوله: ﴿فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ﴾ [البقرة: ١٩٧]، وقوله: ﴿وَإِنْ (١) تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ﴾ [البقرة: ٢٧٩]، ونظائره كثيرة، كقوله: «لَا يَبِيعُ حَاضِرٌ لِبَادٍ» .
ثم من الناس من يقول: أصل هذه الصيغة الخبر، لكن لما تعذر ذلك فيها؛ حُملت على النهي. ومنهم من يقول: بل النهي له صيغ متعددة، منها: صيغة: لا تفعل، بالجزم، لكن هذه يسميها النحاة: صيغة النهي، وأما: لا تفعل، بالرفع، فهذه لا تختص بالنهي، بل قد يراد بها النهي، وقد يراد بها غير النهي، وكذلك القولان في مثل قوله: ﴿وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ﴾ [البقرة: ٢٣٣] .
لكن الناس متفقون على أن مثل هذه الصيغة إذا لم تكن خبرًا كانت أمرًا ونهيًا، وقال /٣٨ب/ طائفة من متأخري أصحاب الشافعي، وأحمد: إن هذا ليس بنهي، بل هو نفي؛ لكونه مشروعًا، قالوا: وهذا يوجب أن يكون مباحًا، لا مستحبًّا، ولا مكروهًا، ولا محرمًا، ولهذا بنى هؤلاء على هذا: أنه إذا سافر إلى غير الثلاثة قصر الصلاة؛ لأنه مباح.
وهكذا قال طائفة من أصحاب مالك، كابن عبد البرّ، وابن بطال، قالوا: الحديث محمول على أنه لا يجب بالنذر إلا هذه الثلاثة، فلو نذر شيئًا لم يجب، وهذه الثلاثة تجب بالنذر، وإن كان المسجدان مستحبين، فاقتضى الحديث عندهم: أن المستحب يجب بالنذر، وغير
_________
(١) في الأصل: (فإن) .
1 / 97