قاعدة عظيمة في الفرق بين عبادات أهل الإسلام والإيمان وعبادات أهل الشرك والنفاق

ابن تيمية ت. 728 هجري
82

قاعدة عظيمة في الفرق بين عبادات أهل الإسلام والإيمان وعبادات أهل الشرك والنفاق

محقق

سليمان بن صالح الغصن

الناشر

دار العاصمة

رقم الإصدار

الثانية ١٤١٨هـ / ١٩٩٧م

مكان النشر

الرياض

تصانيف

بعضها، فإذا كانت لا يشرع السفر منها إلى غير الثلاثة، فغير المساجد أولى أن لا يشرع السفر إليها، ولهذا /٣٧أ/ لم يقل أحد من علماء المسلمين إنه يسافر إلى زيارة القبور، ولا يسافر إلى المساجد، وإنما حكي عن بعضهم العكس، فحكي عن الليث بن سعد أنه قال: إذا نذر السفر إلى سائر المساجد، وفى بنذره. وعن محمد بن مسلمة من أصحاب مالك أنه قال ذلك في مسجد قباء. ولم يقل أحد من أئمة المسلمين إنه من نذر السفر إلى قبر نبي أو غير نبي وفى بنذره، بل نصُّوا على أنه لا يوفي بنذره، ليس بين الأئمة الأربعة وغيرهم من نظرائهم خلاف في ذلك، بل كلهم متفقون على أنه من نذر السفر إلى قبر نبي - أيّ نبيٍّ كان - أو قبر صالح، أنه لا يوفي بنذره. ومالك ﵀ إذا كان قد نص على ذلك في قبر النبي ﷺ فسائر الأئمة يوافقونه وهم أولى بذلك منه، فإن مذهب مالك وأحمد: أنه من نذر السفر إلى مسجد النبي ﷺ، أو المسجد الأقصى؛ وجب عليه الوفاء بنذره، وهو أحد قولي الشافعي، والقول الآخر له وهو مذهب أبي حنيفة: أنه لا يجب الوفاء إلا إذا نذر المشي إلى الكعبة، فيذهب في حج أو عمرة. فهؤلاء إذا لم يوجبوا السفر إلى مسجد المدينة، والمسجد الأقصى، مع أنهما سفران مشروعان مستحبان بنص الرسول (١) ﷺ واتفاق الأئمة، فأن لا يوجبونه إذا نذر السفر لزيارة القبر بطريق الأولى، /٣٧ب/ فإن أصل أبي حنيفة أنه لا يجب بالنذر إلا ما كان (٢) جنسه واجبًا بالشرع، والسفر إلى مسجد المدينة، والأقصى، ليس من جنسه ما هو واجب بالشرع.

(١) غيرت في المطبوع إلى: (رسول الله) . (٢) في المطبوع زيادة: (من)، وقد كتبها ناسخ الأصل أولًا ثم ضرب عيها.

1 / 95