«فصل»
ولم يكن أحد من الصحابة والتابعين يسافر إلى قبرٍ، لا قبر نبي، ولا غيره، بل كان عامتهم يأتون المدينة النبوية، ويصلون في مسجده ويسلمون عليه في الصلاة، ويَرَون ذلك هو غايةُ المطلوب، فلم يكونوا يذهبون إلى قبره، لم يكن أحد منهم يدخل إلى قبره، لا للسلام، ولا للصلاة، ولا للدعاء، ولا غير ذلك، إلا من دخل على عائشة لأنه بيتها، فيسلم على النبي ﷺ، والنبي ﷺ يردّ عليه، كما جاء في الحديث.
وأما السلام عليه في المسجد، فهو مثل الصلاة عليه في المسجد (١)، يفعل في جميع جوانب المسجد، وفي جميع الأرض، واستقبال القبلة به أولى.
وقد اتفق العلماء على أن أهل المدينة /١٨أ/ لا يُستحبُّ لهم ذلك (٢) إذا دخلوا و(٣) خرجوا أن يأتوا لقبره (٤)، ولكن هل يُستحب لهم ذلك إذا قدموا من سفر (٥)، أو يستحب للغرباء، عند الدخول والخروج؟ هذا فيه قولان، لكن قد ساغ بعده (٦)؛ لأن ابن عمر فَعَلَه، وتابعه على ذلك كثيرٌ من علماء السلف والخلف، وإن [لم] (٧) يكن هذا عندهم من السنن المشهورة، إذ كان النبيُّ ﷺ لم يأمرهم به كما أمرهم أن يسلموا عليه في الصلاة، بل أخبرهم أنه من سلم عليه ردّ ﵇، وهذا يتناول من (٨) سلم عليه من القرب
_________
(١) (في المسجد) ليست في خ٢.
(٢) (ذلك) ليست في خ٢. والأولى حذفها.
(٣) في المطبوع: (أو)، وناسخ الأصل قد كتبها أولًا (أو) ثم ضرب على الألف. وفي خ٢: (وخرجوا) .
(٤) في خ٢: (القبر) .
(٥) في المطبوع: (السفر)، وناسخ الأصل كتبها أولًا (السفر) ثم ضرب على (ال) التعريف. وفي خ٢: (سفر) .
(٦) في خ٢: (فعله)، وهو أصح.
(٧) إضافة من المحقق، وليست في الأصل. وهي ثابتة في خ٢.
(٨) في الأصل وخ٢: (لمن)، والتصويب من المحقق. ولعل الصواب: (متناول لمن)، والأمر قريب.
1 / 56