القبس في شرح موطأ مالك بن أنس
محقق
الدكتور محمد عبد الله ولد كريم
الناشر
دار الغرب الإسلامي
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٩٩٢ م
تصانيف
كا استوى الاستقبال والاستدبار في الصحراء في منعه وتحريره أن نقول الاستقبال في البنيان أحد القصدين إلى الكعبة بالحاجة فاستوى حكمهما كالاستقبال والاستدبار في الصحراء في منعه.
الثاني: التعلّق بحديث جابر وعائشة المتقدمين، وإنما قدمنا المعنى عليهما لعدم صحتهما على أن علماءنا قد قالوا أن الحديث بالنهي عن الاستقبال والاستدبار لو ورد مطلقًا لما لزم تكليفه له في البيوت لوجهين.
أما أحدهما فلقول النبي، ﷺ (إِذَا ذَهَبَ أَحَدُكُمُ إِلَى الْغَائِطِ) فجعل محل الحكم الصحراء وهذا تعلق بالظاهر، لكن تبقى ههنا نكته وهي أن العلماء قد اتفقوا على أن الحكم الوارد لا تأثير له في المكان ولا يختص به إلا بدليل، وكذلك الزمان.
ولأن الحكم يسترسل عليهما جميعًا حتى يوافقه الدليل أو يغيره، وههنا دليل قوي يوقف هذا الحكم على الصحراء وهو أن الناس لو كلّفوا ذلك في البنيان لحرجوا وما استطاعوه، واللفظ العام لا يتناول موضع المشقة ولا يتعلق بها فيه حرج وكلفة.
تتميم: اختلف العلماء في المحترم بهذا النهي ما هو؟ فمنهم من قال المحترم القبلة، ومنهم من قال المحترم المصلون (١)، وفي آثار السلف (إِنَّ لله عِبَادًا يُصَلُّونَ مِنْ خَلْقِهِ يِعُنِي مِنَ الْجِنِّ (٢) وَالإِنْسِ فَيَلْزِمُ (٣) أَنَّ يَحْتَرِمُوا وَلَا يَتَكَشَّفُ عَلَيْهِمْ) (٤) وهذا
(١) نقل الحطاب القولين ولم يعزهما لأحد، كما فعل الشارح الحطاب ١/ ٢٨٠.
(٢) في (م) والملأيكة.
(٣) في (م) فينبغي.
(٤) رواه البيهقي في السنن ١/ ٩٣ من طريق عيسي الخياط قال: قلت للشعبي إني لأعجب لاختلاف أبي هريرة وابن عمر قَالَ نَافِعُ عَنْ ابنِ عُمَرَ دَخَلْتُ بيت حَفْصَةَ فَحَانَتْ مِّني التِفَاتَةٌ فَرَأيْت كَنِيفَ رَسُولِ اللِه، ﷺ، مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ، وَقَالَ أبو هُرَيْرَةَ إِذَا أَتَى أحَدُكُمُ الْغَائِطَ فَلَا يَسْتقْبِلِ الْقِبْلَةَ وَلَا يَسْتَدْبِرْهَا. قال الشعبي صدقا جميعًا.
أما قول أبي هُرَيْرَةَ فَهُوَ في الصَّحْرَاءِ إِنَّ للِه عِبَادًا مَلاَئِكَة وَجِنًّا يُصَلِّونَ فَلاَ يَسْتَقْبِلُهُمْ أحد بِبَوْلٍ وَلَا غَائِطٍ وَلَا يَسْتَدْبِرُهُمْ، وَأمَّا كُنُفُكُمْ هذِهِ فَإِنَّمَا هِيَ بَيْتٌ يُبْنَى لاَ قِبْلَةٌ فِيهِ. وقال البيهقي عقب روايته: عيسى بن أبي عيسى الخياط هذا هو عيسى بن ميسرة ضعيف.
ورواه ابن ماجه من طريق عيسى هذا مختصرًا ١/ ١١٧.
أقول: عيسى هذا قال عنه الحافظ متروك ت ٢/ ١٠٠، وانظر ت ت ٨/ ٢٢٤ - ٢٢٥، والميزان ٣/ ٣٢٠ - ٣٢١، والمجروحين ٢/ ١١٧.
درجة الحديث: ضعيف.
1 / 393