184

القبس في شرح موطأ مالك بن أنس

محقق

الدكتور محمد عبد الله ولد كريم

الناشر

دار الغرب الإسلامي

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٩٩٢ م

تصانيف

الصحيح أنه قال: (صُبُّوا عَلَيْهِ سَجْلًا مِنْ مَاءٍ) (١) فتبين فيه فائدتان. الأولى: أن النجاسة إذا كوثرت بالماء فغيِّبت بعد أن ظهرت طهرت. والثانية: أن مقدار بول الرجل من النجاسة يطهره مقدار السجل (٢) من الماء فاسلك (٣) ذلك في سائر النجاسات وقسه عليه. وقول النبيِّ، ﷺ، للناس حين صاحوا بالأعرابي اتركوه لوجهين: أحدهما: أن الأعرابي قد كان أراق بعض البول والكل في ذلك كالبعض، والثاني: أنه لو قطع بوله لتنجست ثيابه عليه ولحدث عليه من ذلك داء في بدنه، فترجح في الشريعة جانب تركه حتى يتم البول على قطعه بما يدخل عليه في ذلك من الضرر، وبأنه ينجس موقعين؛ فإذا تُرِك فالذي ينجس موقع واحد. وترجيح الفتوى بالدلالة أصل من أصول الفقه ولا ينفذ فيها عند تعارض الوجوه إلا ماهر، وإنما سكت النبيُّ، ﷺ، عن الأعرابي ولم يلمه لجهله بحق المسجد، ومن أصول الشريعة أن الجاهل بالحرام إذا واقعه سلم من العقوبة والآثام، وقوله فيه إنه جهل ذلك مقبول إلا أن يظهر من حاله، وشاهد الأمر والوقت ما يدل على كذبه فيقضي عليه بحكم العالم ولا يعذر بدعواه الجهل. النداء للصلاة: الأذان شعار المسلمين وكلمة الدين والفرق بين المسلمين والكافرين ثبت عن النبيّ، ﷺ، أنه كان إذا غزا فجاءت عماية الصبح انتظر، فإن سمع أذانًا أمسك وإلا أغار (٤)، وبهذا صار الأذان فرضًا من فروض الكفاية إذا أذَّن مؤذِّن واحد في القرية أجزأ عن

= الدارقطني من طريق سمعان بن مالك عن أبي وائل عن عبد الله بن مسعود قال: جاء أعرابي فبال في المسجد فأمر النبيُّ، ﷺ، بمكانه فاحتفر. سنن الدارقطني ١/ ١٣٢، وقال سمعان مجهول، وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد ١/ ٢٨٦، وعزاه لأبي يعلى وقال فيه سمعان بن مالك، قال أبو زرعة ليس بالقوي، وقال ابن خراش مجهول وبقية رجاله رجال الصحيح، وأورده الحافظ في المطالب العالية ١/ ١٠، والبوصيري في إتحاف الخيرة ١/ ١٦٧ وابن أبي حاتم في العلل ١/ ٢٤ ونقل قول أبي زرعة: هذا حديث ليس بالقوي، ونقل الحافظ عنه أنه قال هو حديث منكر وكذا قال أحمد وقال أبو حاتم لا أصل له. التلحيص ١/ ٥٠، وضعّفه الحافظ في الفتح ١/ ٣٢٥. درجة الحديث: المرسل منه قد صحّحه الحافظ والهيثمي، أما المرفوع فضعيف. (١) رواه البخاري في كتاب الوضوء باب صب الماء على البول في المسجد ١/ ٦٥، من رواية أبي هُرَيْرَة. (٢) السَجْل، بفتح المهملة وسكون الجيم، قال أبو حاتم السجستاني هو الدلو ملأى ولا يقال لها ذلك وهي فارغة. وقال ابن دريد، السجل دلو واسعة. وفي الصحاح الدلو الضخمة. فتح الباري ١/ ٣٢٤. (٣) في (ك) و(م): فانسب. (٤) متفق عليه. من حديث أنس بن مالك أن النبي، ﷺ، كان إِذا غزا قومًا لم يغزُ بنا حتى يصبح وينظر فإن سمع =

1 / 190