تقريب فتاوى ابن تيمية
الناشر
دار ابن الجوزي للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٤١ هـ
مكان النشر
السعودية
تصانيف
يُعِيدُهُ إذَا صَارَ كَذَلِكَ، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِن إنْكَارِ قُدْرَةِ الثهِ تَعَالَى وَإِنْكَارِ مَعَادِ الْأَبْدَانِ وإِن تَفَرَّقَتْ كُفْرٌ.
لَكِنَّهُ كَانَ مَعَ إيمَانِهِ باللهِ وَإيمَانِهِ بِأَمْرِهِ وَخَشْيَتِهِ مِنْهُ جَاهِلًا بِذَلِكَ ضَالًّا فِي هَذَا الظَّنّ مُخْطِئًا، فَغَفَرَ اللهُ لَهُ ذَلِكَ.
وَالْحَدِيثُ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الرَّجُلَ طَمِعَ أَنْ لَا يُعِيدَهُ إذَا فَعَلَ ذَلِكَ، وَأَدْنَى هَذَا أَنْ يَكُونَ شَاكًّا فِي الْمَعَادِ، وَذَلِكَ كُفْرٌ -إذَا قَامَتْ حُجَّةُ النُّبُوَّةِ عَلَى مُنْكِرِهِ حُكِمَ بِكُفْرِهِ- هُوَ بَيِّنٌ فِي عَدَمِ إيمَانِهِ باللهِ تَعَالَى. [١١/ ٤٠٥ - ٤١٠]
٧٤ - مَن ظَنَّ أَنَّ التَّضْحِيَةَ عِنْدَ الْقُبُورِ مُسْتَحَبَّةٌ وَأَنَّهَا أَفْضَلُ: فَهُوَ جَاهِلٌ ضَالٌّ مُخَالِفٌ لِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ.
وَالنَّبِيُّ ﷺ نَهَى أَنْ تُتَّخَذَ الْقبُورُ مَسَاجِدَ، فَلَعَنَ الَّذِينَ يَفْعَلُونَ ذَلِكَ تَحْذِيرًا لِأُمَّتِهِ أَنْ تَتَشَبَّهَ بِالْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ يُعَظِّمُونَ الْقُبُورَ حَتَّى عَبَدُوهُمْ، فَكَيْفَ يَتَّخِذُ الْقَبْرَ مَنْسَكًا يَقْصِدُ النُّسُكَ فِيهِ؟ فَإِنَّ هَذَا أَيْضًا مِن التَّشَبُّهِ بِالْمُشْرِكِينَ (^١).
وَقَد قَالَ الْخَلِيلُ -صَلَاةُ اللهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ-: ﴿إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [الأنعام: ١٦٢] فَيَجِبُ الْإِخْلَاصُ وَالصَّلَاةُ وَالنُّسُكُ للهِ، وَإِن لَمْ يَقْصِدِ الْعَبْدُ الذَّبْحَ عِنْدَ الْقَبْرِ، لَكِنَ الشَّرِيعَةَ سَدَّتِ الذَّرِيعَةَ، كَمَا نَهَى النَّبِيُّ ﷺ عن الصَّلَاةِ وَقْتَ طُلُوعِ الشَمْسِ وَوَقْتَ غُرُوبِهَا؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَسْجُدُ لَهَا الْكفَّارُ وَإِن كَانَ الْمُصَلِّي للهِ لَمْ يَقْصِدْ ذَلِكَ.
وَكَذَلِكَ اتِّخَاذُ الْقُبُورِ مَسَاجِدَ قَد نَهَى عَنْهُ وَإِن كَانَ الْمُصَلِّي لَا يُصَلِّي إلَّا للهِ. وَقَالَ: "لَيْسَ مِنَّا مَن تَشَبَّهَ بِغَيْرِنَا" (^٢)، وَقَالَ: "مَن تَشَبَّهَ بِقَوْمِ فَهُوَ مِنْهُمْ" (^٣). [٢٧/ ٤٩٥ - ٤٩٦]
_________
(^١) وليس شركًا أكبر، إلا إذا نحر لصاحب القبر تعظيمًا له.
(^٢) رواه الترمذي (٢٦٩٥) وقال: هذا حديث إسناده ضعيف.
(^٣) رواه أبو داود (٤٠٣١)، وأحمد (٥١١٤)، وقال الألباني في صحيح أبي داود (٤٠٣١): حسن صحيح.
1 / 53