تقريب فتاوى ابن تيمية
الناشر
دار ابن الجوزي للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٤١ هـ
مكان النشر
السعودية
تصانيف
وَمِن ذَلِكَ مَا يَجِدُونَهُ مِن ثَمَرَةِ التَّوْحِيدِ وَالْإِخْلَاصِ وَالتَّوَكلُ وَالدُّعَاءُ للهِ وَحْدَهُ، فَإِنَّ النَّاسَ فِي هَذَا الْبَابِ عَلَى ثَلَاثِ دَرَجَاتٍ:
"مِنْهُم" مَن عَلِمَ ذَلِكَ سَمَاعًا وَاسْتِدْلَالًا.
"وَمِنْهُم" مَن شَاهَدَ وَعَايَنَ مَا يَحْصُلُ لَهُمْ.
وَ"مِنْهُم" مَن وَجَدَ حَقِيقَةَ الْإِخْلَاصِ وَالتَّوَكُّلِ عَلَى اللهِ والِالْتِجَاءِ إلَيْهِ وَالِاسْتِعَانَة بِهِ، وَقَطَعَ التَعَلُّقَ بِمَا سِوَاهُ. [١٠/ ٦٤٥ - ٦٥٠]
٦٦ - أَرْجَحُ الْمَكَاسِبِ: التَّوَكُّل عَلَى اللهِ وَالثِّقَةُ بِكِفَايَتِهِ وَحُسْنُ الظَّنِّ بِهِ. [١٠/ ٦٦٢]
٦٧ - شَكَا أَصْحَاب رَسُولِ اللهِ ﷺ إلَيْهِ فَقَالُوا: إِنَّا نَجِدُ فِى أَنْفُسِنَا مَا يَتَعَاظَمُ أَحَدُنَا أَنْ يَتَكَلَّمَ بِهِ. قَالَ "وَقَد وَجَدْتُمُوهُ؟ ".
قَالُوا نَعَمْ. قَالَ "ذَاكَ صَرِيحُ الإيمَانِ" (^١).
فَهُنَا لَمَّا اقْتَرَنَ بِالْوَسْوَاسِ هَذَا الْبُغْضُ وَهَذِهِ الْكَرَاهَةُ كَانَ هُوَ صَرِيحَ الْإِيمَانِ وَهُوَ خَالِصُهُ وَمَحْضُهُ؛ لِأَنَّ الْمُنَافِقَ وَالْكَافِرَ لَا يَجِدُ هَذَا الْبُغْضَ وَهَذِهِ الْكَرَاهَةَ مَعَ الْوَسْوَسَةِ بِذَلِكَ.
بَل إنْ كَانَ فِي الْكُفْرِ الْبَسِيطِ (^٢) وَهُوَ الْإِعْرَاضُ عَمَّا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ وَتَرَكَ
_________
(^١) رواه مسلم (٣٥٧). وقد أثبت لفظه.
(^٢) الكفر البسيط يُقابل الكفر المركب، ويعنون بالكفر البسيط: الذي لم يكن عن معاندة وقصد للمخالفة، بخلاف الكفر المركب، فهو الذي يكون عن عناد وقصد للمخالفة والتكذيب.
فَإِنْ ضَمَّ من أعْرَض عَمَّا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ وَتَرَكَ الْإِيمَانَ بِهِ إلَى ذَلِكَ ضِدَّ مَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ: وَقَعَ فِي التَّكْذِيبِ وَهُوَ الْكُفْرُ الْمُرَكَّبُ، وَإِن لَمْ يَضُمَّ إلَيْهِ شَيءٌ بَقِيَ فِي الْكُفْرِ الْبَسِيطِ، سَوَاءٌ كَانَ فِي ريْبٍ أَو فِي إعْرَاضٍ وَغَفْلَةٍ. يُنظر: مجموع الفتاوى (٢/ ٧٨).
وقد قسم ابنَ القيم ﵀ بدائع الفوائد (٥/ ٣١٣) الجهل إلى قسمين:
- بسيط: وهو عبارة عن عدم المعرفة مع عدم تلبس بضد.
ومركب وهو جهل أرباب الاعتقادات الباطلة والقسم الأول هو الذي يطلب صاحبه العلم أما صاحب الجهل المركب فلا يطلبه.=
1 / 48