تقريب فتاوى ابن تيمية
الناشر
دار ابن الجوزي للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٤١ هـ
مكان النشر
السعودية
تصانيف
وأما رحمة الميت مع الرضى بالقضاء وحمد الله تعالى تعالى النبي ﷺ فهذا أكمل. كما قال تعالى: ﴿ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ﴾ [البلد: ١٧]، فذكر سبحانه التواصي بالصبر والمرحمة.
[١٠/ ٤٦ - ٤٧]
٦١ - يُحَقِّقُ قَوْلَهُ: ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (٥)﴾ تَوْحِيد الْإِلَهِيَّةِ وَتَوْحِيد الرُّبُوبِيَّةِ، وَإِن كَانَت الْإِلَهِيَّةُ تَتَضَمَّنُ الرُّبُوبِيَّةَ، وَالرُّبُوبِيَّةُ تَسْتَلْزِمُ الْإِلَهِيَّةَ، فَإِنَّ أَحَدَهُمَا إذَا تَضَمَّنَ الْآخَرَ عِنْدَ الِانْفِرَادِ لَمْ يَمْنَعْ أَنْ يَخْتَصَّ بِمَعْنَاهُ عِنْدَ الِاقْتِرَانِ.
وَلهَذَا كَانَت الْعِبَادَةُ مُتَعَلِّقَةً بِاسْمِهِ اللهِ وَالسُّؤَالُ مُتَعَلِّقًا بِاسْمِهِ الرَّبِّ .. وَلَمَّا كَانَت الْعِبَادَةُ مُتَعَلِّقَةً بِاسْمِ اللهِ تَعَالَى جَاءَت الْأَذْكَارُ الْمَشْرُوعَةُ بِهَذَا الِاسْمِ، مِثْلُ كَلِمَاتِ الْأَذَانِ: اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ. وَمِثْلُ الشَّهَادَتَيْنِ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللهُ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ. وَأَمَّا السُّؤَالُ فَكَثِيرًا مَا يَجِيءُ بِاسْمِ الرَّبِّ؛ كَقَوْلِ آدمَ وَحَوَّاءَ: ﴿رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا﴾ [الأعراف: ٢٣]. [١٠/ ٢٨٣ - ٢٨٥]
٦٢ - تَنَازَعَ النَّاسُ فِي قَوْلِهِ: ﴿إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ﴾ [المائدة: ٢٧] فَعَلَى قَوْلِ الْخَوَارجِ وَالْمُعْتَزِلَةِ لَا تُقْبَلُ حَسَنَةٌ إلَّا مِمَّن اتَّقَاهُ مُطْلَقًا فَلَمْ يَأْتِ كَبِيرَةً.
وَعِنْدَ الْمُرْجِئَةِ إنَّمَا يَتَقَبَّلُ مِمَّن اتَّقَى الشِّرْكَ فَجَعَلُوا أَهْلَ الْكبَائِرِ دَاخِلِينَ فِي اسْمِ "الْمُتَّقِينَ".
وَعِنْدَ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ يُتَقَبَّلُ الْعَمَلُ مِمَّن اتَّقَى اللهَ فِيهِ، فَعَمِلَهُ خَالِصًا للهِ مُوَافِقًا لِأَمْرِ اللهِ، فَمَن اتَّقَاهُ فِي عَمَلٍ تَقَبَّلَهُ مِنْهُ وَإِن كَانَ عَاصِيًا فِي غَيْرِهِ، وَمَن لَمْ يَتَّقِهِ فِيهِ لَمْ يَتَقَبَّلْهُ مِنْهُ وَإِن كَانَ مُطِيعًا فِي غَيْرِهِ. [١٠/ ٣٢٢]
٦٣ - الدِّينُ الْقَائِمُ بِالْقَلْبِ مِن الْإِيمَانِ عِلْمًا وَحَالًا، هُوَ الْأَصْلُ، وَالْأَعْمَالُ الظَّاهِرَةُ هِيَ الْفُرُوعُ، وَهِيَ كَمَالُ الْإِيمَانِ.
فَالدِّينُ أَوَّلُ مَا يُبْنَى مِن أُصُولِهِ وَيَكْمُلُ بِفُرُوعِهِ، كَمَا أَنْزَلَ اللهُ بِمَكَّةَ أُصُولَهُ
1 / 46