تقريب فتاوى ابن تيمية
الناشر
دار ابن الجوزي للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٤١ هـ
مكان النشر
السعودية
تصانيف
وَهَذَا يُسَمَّى مَذْهَبَ أَهْلِ الْوَحْدَةِ، وَأَهْلِ الْحُلُولِ، وَأَهْلِ الاِتِّحَادِ، وَهُم يُسَمُّونَ أَنْفُسَهُم الْمُحَقِّقِينَ.
وَهَؤُلَاءِ نَوْعَانِ:
نَوْعٌ يَقُولُ بِذَلِكَ مُطْلَقًا، كَمَا هُوَ مَذْهَبُ صَاحِبِ الْفُصُوصِ ابْنِ عَرَبيٍّ وَأَمْثَالِهِ؛ مِثْلُ ابْنِ سَبْعِينَ، وَابْنِ الْفَارِضِ، والقونوي، والششتري، وَالتِّلْمِسَانِيّ، وَأَمْثَالِهِمْ مِمَن يَقُولُ: إنَّ الْوُجُودَ وَاحِدٌ، وَيَقُولُونَ: إنَّ وُجُودَ الْمَخْلُوقِ هُوَ وُجُودُ الْخَالِقِ، لَا يُثْبِتُونَ مَوْجُودَيْنِ خَلَقَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ؛ بَل يَقُولُونَ: الْخَالِقُ هُوَ الْمَخْلُوقُ وَالْمَخْلُوقُ هُوَ الْخَالِقُ.
وَأَمَّا النَّوْعُ الثَّانِي: فَهُوَ قَوْل مَن يَقُولُ بِالْحُلُولِ وَالاِتِّحَادِ فِي معَيَّنٍ؛ كَالنَّصَارَى الَّذِينَ قَالُوا بِذَلِكَ فِي الْمَسِيحِ عِيسَى، وَالْغَالِيَةِ الَّذِينَ يَقُولُونَ بِذَلِكَ فِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَطَائِفَةٍ مِن أَهْلِ بَيْتِهِ .. وَأَمْثَالِ هَؤُلَاءِ مِمَن يَقُولُ بِإِلهِيَّةِ بَعْضِ الْبَشَرِ، وَبِالْحُلُولِ وَالاِتِّحَادِ فِيهِ، وَلَا يَجْعَلُ ذَلِكَ مُطْلَقًا فِي كُلِّ شَيْءٍ. [٢/ ٣٦٤ - ٣٦٨]
* * *
(الْمَعْدُومُ الْمُمْكِن الَّذِي لَا يَكُونُ)
٢٤٨ - أَمَّا الْمَعْدُومُ الْمُمْكِنُ الَّذِي لَا يَكُونُ: فَمِثْلُ إدْخَالِ الْمُؤْمِنِينَ النَّارَ، وَإِقَامَةِ الْقِيَامَةِ قَبْلَ وَقْتِهَا، وَقَلْبِ الْجِبَالِ يَوَاقِيتَ (^١) وَنَحْوِ ذَلِكَ، فَهَذَا الْمَعْدُومُ مُمْكِنٌ وَهُوَ شَيْءٌ ثَابِتٌ فِي الْعَدَمِ عِنْدَ مَن يَقُولُ الْمَعْدُومُ شَيْءٌ، وَمَعَ هَذَا فَلَيْسَ بِمُقَدَّر كَوْنهُ، وَاللهُ يَعْلَمُهُ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ، يَعْلَمُ أَنَّهُ مُمْكِنٌ وَأَنَّهُ لَا يَكُونُ، وَكَذَلِكَ الْمُمْتَنِعَاتُ؛ مِثْلُ شَرِيكِ الْبَارِي وَوَلَدِهِ؛ فَإِنَّ اللّهَ يَعْلَمُ أَنَّهُ ﴿لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (٣) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوا أَحَدٌ (٤)﴾ [الإخلاص: ٣، ٤]، وَيَعْلَمُ أَنَّهُ
(^١) جمع ياقوتة، وهو نوعٌ مِن الأحجارِ الكريمة.
1 / 197