187

تقريب فتاوى ابن تيمية

الناشر

دار ابن الجوزي للنشر والتوزيع

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٤١ هـ

مكان النشر

السعودية

تصانيف

أَحَدُهُمَا: وُجُودُ الْحَقِّ الْحَال. وَالثَّانِي: وُجُودُ الْمَخْلُوقِ الْمَحَلِّ وَهُم لَا يُقِرُّونَ بِإِثْبَاتِ وُجُودَيْنِ أَلْبَتَّةَ. وَلَا رَيْبَ أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ أَقَلُّ كُفْرًا مِن قَوْلِهِمْ، وَهُوَ قَوْلُ كَثِيرٍ مِن الْجَهْمِيَّة الَّذِينَ كَانَ السَّلَفُ يَرُدُّونَ قَوْلَهُمْ، وَهُم الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّ اللّهَ بِذَاتِهِ فِي كُلِّ مَكَان. وَلَا ريبَ أَنَّ إلْحَادَ هَؤُلَاءِ الْمُتَأخرِينَ وَتَجَهُّمَهُم وَزَنْدَقَتَهُم تَفْرِيعٌ وَتَكْمِيل لِإِلْحَادِ هَذِهِ الْجَهْمِيَّة الْأُولَى وَتَجَهُّمِهَا وَزَنْدَقَتِهَا (^١). وَأَمَّا وَجْهُ تَسْمِيَتِهِمْ اتّحَادِيَّةً: فَفِيهِ طَرِيقَانِ: أَحَدُهُمَا: لَا يَرْضَوْنَهُ؛ لِأَنَّ الاِتِّحَادَ عَلَى وَزْنِ الاِقْتِرَانِ، وَالاقْتِرَانُ يَقْتَضِي شَيْئَيْنِ اتَّحَدَ أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ، وَهُم لَا يُقِرُّونَ بِوُجُودَيْنِ أَبَدًا. وَالطَّرِيقُ الثَّانِي؛ صِحَّةُ ذَلِكَ؛ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْكثْرَةَ صَارَتْ وَحْدَةً. وَاعْلَمْ أنَّ الْمَذْهَبَ إذَا كَانَ بَاطِلًا فِي نَفْسِهِ: لَمْ يُمْكِن النَّاقِدُ لَهُ أَنْ يَنْقُلَهُ عَلَى وَجْهٍ يُتَصَوَّرُ تَصَوُّرًا حَقِيقِيًّا؛ فَإِنَّ هَذَا لَا يَكُون إِلَّا لِلْحَقِّ. فَامَّا الْقَوْلُ الْبَاطِلُ فَإِذَا بُيِّنَ: فَبَيَانُة يُظْهِرُ فَسَادهُ، حَتَّى يُقَالَ: كَيْفَ اشْتَبَهَ هَذَا عَلَى أَحَدٍ؛ وَيَتَعَجَّبُ مِن اعْتِقَادِهِمْ إيَّاهُ. وَلَا يَنْبَغِي لِلْإِنْسَانِ أَنْ يَعْجَبَ، فَمَا مِن شَيْء؛ يُتَخَيَّلُ مِن أَنْوَاعِ الْبَاطِلِ إلَّا وَقَد ذَهَبَ إلَيْهِ فَرِيقٌ مِن النَّاسِ؛ وَلهَذَا وَصَفَ اللّهُ أَهْلَ الْبَاطِلِ بِأَنَّهُمْ: أ - أَمْوَاتٌ. ب - وَأَنَّهُم ﴿صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ﴾ [البقرة: ١٨]. ج - وَأَنَّهُم ﴿لَا يَفْقَهُونَ﴾ [الأعراف: ١٧٩].

(^١) وهكذا جميع البدع والضلالات تنموا وتزداد ضلالًا مع مرور الزمن، فالواجب على أهل العلم والرأي والحُكم أن يُبادروا إلى استئصالها وقطع دابرها.

1 / 193