186

تقريب فتاوى ابن تيمية

الناشر

دار ابن الجوزي للنشر والتوزيع

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٤١ هـ

مكان النشر

السعودية

تصانيف

مِن تَوْبَةٍ أَو غَيْرِهَا؟ فَهَذَا أَمْرٌ إلَى اللهِ، وَلَا حَاجَةَ لِأَحَدٍ إلَى الْعِلْمِ بِحَقِيقَةِ ذَلِكَ (^١). [٢/ ٤٨٠ - ٤٨٧] * * * (بيان ضلال مذهب الاِتِّحَادِيةِ) ٢٤٦ - اعْلَمْ -هَدَاك اللّهُ وَأَرْشَدَك- أَنَّ تَصَوُّرَ مَذْهَبِ هَؤلاءِ - أي: الاِتِّحَادِيَّةِ - كَافٍ فِي بَيَانِ فَسَادِهِ، لَا يَحْتَاجُ مَعَ حُسْنِ التَّصَوُّرِ إلَى دَلِيلٍ آخَرَ، وَإِنَّمَا تَقَعُ الشُّبْهَةُ لِأَنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَفْهَمُونَ حَقِيقَةَ قَوْلِهِمْ وَقَصْدِهِمْ؛ لِمَا فِيهِ مِن الْأَلْفَاظِ الْمُجْمَلَةِ وَالْمُشْتَرِكَةِ؛ بَل وَهُم أَيْضًا لَا يَفْهَمُونَ حَقِيقَةَ مَا يَقْصِدُونَهُ وَيَقُولُونَهُ؛ وَلهَذَا يَتَنَاقَضُونَ كَثِيرًا فِي قَوْلِهِمْ، وَإِنَّمَا يَنْتَحِلُونَ شَيْئًا وَيَقُولُونَهُ أَو يَتَّبِعونَهُ. وَلهَذَا قَد افْتَرَقُوا بَيْنَهُم عَلَى فِرَقٍ، وَلَا يَهْتَدُونَ إلَى التَّمْيِيزِ بَيْنَ فِرَقِهِمْ، مَعَ اسْتِشْعَارِهِمْ أَنَّهُم مُفْتَرِقُونَ (^٢). فصْلٌ حَقِيقَةُ قَوْلِ هَؤُلَاءِ: أنَّ وُجُودَ الْكَائِنَاتِ هُوَ عَيْنُ وُجُودِ اللّهِ تَعَالَى، لَيْسَ وُجُودُهَا غَيْرَهُ، وَلَا شَيءَ سِوَاهُ أَلْبَتَّةَ. وَلهَذَا مَن سَمَّاهُم حُلُولِيَّةً، أَو قَالَ هُم قَائِلُونَ بِالْحُلُولِ: رَأَوْهُ مَحْجُوبًا عَن مَعْرِفَةِ قَوْلِهِمْ، خَارِجًا عَن الدُّخُولِ إلَى بَاطِنِ أَمْرِهِمْ؛ لِأَنَّ مَن قَالَ: إنَّ اللّهَ يَحِلُّ فِي الْمَخْلُوقَاتِ فَقَد قَالَ بِأَنَّ الْمَحَلَّ غَيْرُ الْحَالِّ وَهَذَا تَثْنِيَةٌ عِنْدَهُم وَإِثْبَاتٌ لِوُجُودَيْنِ:

(^١) هذا هو المنهج السليم في التعامل مع أخطاء وضلالات الناس؛ فنحن علينا من الظاهر، وليس لنا دخل في الباطن، فلا يجوز أن نشهد بأنه قصد كذا وكذا إِلَّا بدليل بيّن. (^٢) أشار الشيخ رحمه الله تعالى أن تصور مذهب هؤلاء الفرقة المنحرفة والفرق الأخرى كالرافضة والخوارج وغيرهم من الفرق الضالة: يكفي في بيان فسادهم، لكن اشترط الشيخ أن يكون التصور حسنًا، لا أن يكون بأسلوب ضعيف، فإنه قد يضر المستمع ولا ينفعه، وربما وقع في قلبه ميلٌ لهم.

1 / 192