153

تقريب فتاوى ابن تيمية

الناشر

دار ابن الجوزي للنشر والتوزيع

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٤١ هـ

مكان النشر

السعودية

تصانيف

دَرَجَاتِهِمْ، وَيُعْظِمَ أَقْدَارَهُمْ، وَيَقْبَلَ شَفَاعَتَهُم إذَا شفعُوا، مَعَ أَنَّهُ سُبْحَانَهُ قَالَ: ﴿مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ﴾ [البقرة: ٢٥٥]. وَيَقْتَضِي أَيْضًا أَنَّ مَن اتَّبَعَهُم وَاقْتَدَى بِهِم فِيمَا سُنَّ لَهُ الاِقْتِدَاءُ بِهِم فِيهِ كَانَ سَعِيدًا، وَمَن أَطَاعَ أَمْرَهُم الَّذِي بَلَّغُوهُ عَن اللّهِ كَانَ سَعِيدًا. وَلَكِنْ لَيْسَ نَفْسُ مُجَرَّدِ قَدْرِهِمْ وَجَاهِهِمْ مِمَّا يَقْتَضِي إجَابَةَ دعَائِهِ إذَا سَأَلَ اللّهَ بِهِمْ، حَتَّى يَسْأَلَ اللّهَ بِذَلِكَ؛ بَل جَاهُهُم يَنْفَعُهُ أَيْضًا إذَا اتَّبَعَهُم وَأَطَاعَهُم فِيمَا أمرُوا بِهِ عَن اللهِ، أَو تَأَسَّى بِهِم فِيمَا سَنُّوهُ لِلْمُؤْمِنِينَ، وَيَنْفَعُهُ أَيْضًا إذَا دَعَوْا لَهُ وَشفعُوا فِيهِ. فَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُن مِنْهُم دُعَاءٌ وَلَا شَفَاعَة، وَلَا مِنْهُ سَبَبٌ يَقْتَضِي الْإِجَابَةَ: لَمْ يَكُن مُتَشَفِّعًا بِجَاهِهِمْ، وَلَمْ يَكُن سُؤَالُهُ بِجَاهِهِمْ نَافِعًا لَهُ عِنْدَ اللهِ. نَعَمْ، لَو سَأَلَ اللهَ بِإِيمَانِهِ بِمُحَمَّدٍ ﷺ وَمَحَبَّتِهِ لَهُ وَطَاعَتِهِ لَهُ وَاتِّبَاعِهِ: لَكانَ قَد سَأَلَهُ بِسَبَبٍ عَظِيمٍ يَقْتَضِي إجَابَةَ الدُّعَاءِ؛ بَل هَذَا أَعْظَمُ الْأَسْبَابِ وَالْوَسَائِلِ. وَمَن قَالَ: بَل لِلْمَخْلُوقِ عَلَى اللهِ حَقٌّ: فَهُوَ صَحِيحٌ إذَا أَرَادَ بِهِ الْحَقَّ الَّذِي أَخْبَرَ اللّهُ بِوُقُوعِهِ؛ فَإِنَّ اللّهَ صَادِقٌ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ، وَهُوَ الَّذِي أَوْجَبَهُ عَلَى نَفْسِهِ بِحِكْمَتِهِ وَفَضْلِهِ وَرَحْمَتِهِ. وَهَذَا الْمُسْتَحِقُّ لِهَذَا الْحَقِّ إذَا سَألَ اللهَ تَعَالَى بِهِ: يَسْأَلُ اللّهَ تَعَالَى إنْجَازَ وَعْدِهِ، أَو يَسْأَلُهُ بِالْأَسْبَابِ الَّتِي عَلَّقَ اللهُ بِهَا الْمُسَبِّبَاتِ كَالْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ فَهَذَا مُنَاسِبٌ. وَأَمَّا غَيْرُ الْمُسْتَحِقِّ لِهَذَا الْحَقِّ إذَا سَأَلَهُ بِحَقِّ ذَلِكَ الشَّخْصِ: فَهُوَ كَمَا لَو سَأَلَهُ بِجَاهِ ذَلِكَ الشَّخْصِ، وَذَلِكَ سُؤَالٌ بِأَمْر أَجْنَبِيٍّ عَن هَذَا السَّائِلِ، لَمْ يَسْأَلْهُ بِسَبَب يُنَاسِبُ إجَابَةَ دُعَائِهِ. [١/ ٢٠٩ - ٢١٨] ٢٠٩ - مَا بَيَّنَ اللّهُ وَرَسُولُهُ أَنَّهُ حَقٌّ لِلْعِبَادِ عَلَى اللّهِ فَهُوَ حَقٌّ، لَكِنَّ الْكَلَامَ فِي السُّؤَالِ بِذَلِكَ، فَيُقَالُ: إنْ كَانَ الْحَقُّ الَّذِي سَأَلَ بِهِ سَبَبًا لِإِجَابَةِ السُّؤَالِ حَسُنَ السُّؤَالُ بِهِ؛ كَالْحَقِّ الَّذِي يَجِبُ لِعَابِدِيهِ وَسَائِلِيهِ.

1 / 159