150

تقريب فتاوى ابن تيمية

الناشر

دار ابن الجوزي للنشر والتوزيع

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٤١ هـ

مكان النشر

السعودية

تصانيف

وَإِنَّمَا نَعْرِفُ النِّزَاعَ فِي الْحَلِفِ بِالْأَنْبِيَاءِ، فَعَن أحْمَدَ فِي الْحَلِفِ بِالنَّبِيّ ﷺ رِوَايَتَانِ: إحْدَاهُمَا: لَا يَنْعَقِدُ الْيَمِينُ بِهِ كَقَوْلِ الْجُمْهُورِ مَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَالشَافِعِيِّ. وَالثانِيَة: يَنْعَقِدُ الْيَمِينُ بِهِ. وَقَصَرَ أَكْثَرُ هَؤُلَاءِ النِّزَاعَ فِي ذَلِكَ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ خَاصَّةً، وَعَدَّى ابْنُ عَقِيلٍ هَذَا الْحُكْمَ إلَى سَائِرِ الْأَنْبِيَاءِ. وَإِيجَابُ الْكَفَّارَةِ بِالْحَلِفِ بِمَخْلُوقِ وَإِن كَانَ نَبِيًّا: قَوْلٌ ضَعِيفٌ فِي الْغَايَةِ مُخَالِفٌ لِلْأصُولِ وَالنُّصُوصِ. [١/ ٢٠١ - ٢٠٤] ٢٠٥ - الَّذِي قَالَهُ أَبُو حَنِيفَةَ وَأصْحَابُهُ وَغَيْرُهُم مِن الْعُلَمَاءِ -مِن أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُسْأَلَ اللهُ تَعَالَى بِمَخْلُوق: لَا بِحَقِّ الْأَنْبِيَاءِ وَلَا غَيْرِ ذَلِكَ- يَتَضَمَّنُ شَيْئَيْنِ كَمَا تَقَدَّمَ: أَحَدُهُمَا: الْإِقْسَامُ عَلَى اللهِ ﷾ بِهِ، وَهَذَا مَنْهِيٌّ عَنْهُ عِنْدَ جَمَاهِيرِ الْعُلَمَاءِ، كَمَا يُنْهَى أنْ يُقْسَمَ عَلَى اللهِ بِالْكَعْبَةِ وَالْمَشَاعِرِ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ. والثَّانِي: السُّؤَالُ بِهِ، فَهَذَا يُجَوِّزهُ طَائِفَةٌ مِن النَّاسِ، وَنُقِلَ فِي ذَلِكَ آثَارٌ عَن بَعْضِ السَّلَفِ، وَهُوَ مَوْجُودٌ فِي دُعَاءِ كَثِيرٍ مِن النَّاسِ، لَكِنْ مَا رُوِيَ عَن النَّبِيِّ ﷺ فِي ذَلِكَ كُلُّهُ ضَعِيفٌ بَل مَوْضُوعٌ، وَلَيْسَ عَنْهُ حَدِيثٌ ثَابِتٌ قَد يُظَنُّ أَنَّ لَهُم فِيهِ حُجَّةً إلَّا حَدِيثَ الْأَعْمَى الَّذِي عَلَّمَهُ أَنْ يَقُولَ: "أَسْأَلُكَ وَأَتَوَجَّهُ إلَيْك بِنَبِيِّك مُحَمَّدٍ نَبِيِّ الرَّحْمَةِ" (^١)، وَحَدِيثُ الْأعْمَى لَا حُجَّةَ لَهُم فِيهِ؛ فَإِنَّهُ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ إنَّمَا تَوَسَّلَ بِدُعَاءِ النَّبِيِّ ﷺ وَشَفَاعَتِهِ، وَهُوَ طَلَبَ مِن النَّبِيِّ ﷺ الدُّعَاءَ، وَقَد أَمَرَهُ النَّبِيُّ ﷺ أَنْ يَقُولَ: "اللَّهُمَّ شَفِّعْهُ فِيَّ"؛ وَلهَذَا رَدَّ اللّهُ عَلَيْهِ بَصَرَة لَمَّا دَعَا لَهُ النَّبِيِّ ﷺ، وَكَانَ ذَلِكَ مِمَّا يُعَدُّ مِن آيَاتِ النَّبِيِّ ﷺ.

(^١) رواه الترمذي (٣٥٧٨)، وأحمد (١٧٢٤٠)، وقال الترمذي: حسن صحيح غريب.

1 / 156