تقريب فتاوى ابن تيمية
الناشر
دار ابن الجوزي للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٤١ هـ
مكان النشر
السعودية
تصانيف
وَالشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ عَلَى أَنَّهُ لَا يَسُوغُ الْحَلِفُ بِغَيْرِهِ مِن الْأَنْبِيَاءِ وَالْمَلَائِكَةِ، وَلَا تَنْعَقِدُ الْيَمِينُ بِذَلِكَ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ، وَهَذَا إحْدَى الرِّوَايَتينِ عَن أَحْمَدَ.
وَالرِّوَايَة الْأُخْرَى: تَنْعَقِدُ الْيَمِينُ بِهِ خَاصَّةً دُونَ غَيْرِهِ .. وَأَحْمَدُ فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ قَد جَوَّزَ الْقَسَمَ بِهِ فَلِذَلِكَ جَوَّزَ التَوَسُّلَ بِهِ.
وَلَكِنَ الرِّوَايَةَ الْأُخْرَى عَنْهُ: هِيَ قَوْلُ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُ لَا يُقْسِمُ بِهِ، فَلَا يُقْسَمُ عَلَى اللهِ بِهِ كَسَائِرِ الْمَلَائِكَةِ وَالْأَنْبِيَاءِ، فَإِنَّا لَا نَعْلَمُ أَحَدًا مِن السَّلَفِ وَالْأَئِمَّةِ قَالَ: إنَّهُ يُقْسَمُ بِهِ عَلَى اللهِ؛ كَمَا لَمْ يَقُولُوا إنَّهُ يُقْسَمُ بِهِم مُطْلَقًا؛ وَلهَذَا أَفْتَى أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّهُ لَا يُقْسَمُ عَلَى اللهِ بِأَحَد مِن الْمَلَائِكَةِ وَالْأَنْبِيَاءِ وَغَيْرِهِمْ، لَكِنْ ذُكِرَ لَهُ أَنَهُ رُوِيَ عَن النَّبِيِّ ﷺ حَدِيث فِي الْإِقْسَامِ بِهِ فَقَالَ: إنْ صَخَ الْحَدِيثُ كَانَ خَاصًّا بِهِ.
وَالْحَدِيثُ الْمَذْكُورُ لَا يَدُلُّ عَلَى الْإِقْسَامِ بِهِ، وَقَد قَالَ النَبِيُّ ﷺ: "مَن كَانَ حَالِفًا فَلْيَحْلِفْ بِاَللهِ وإِلَّا فَلْيَصْمُتْ" (^١). [١/ ١٤٠ - ١٤١]
* * *
(فوائد ومسائل من كتاب التوسل والوسيلة) (معنى ابتغاء الوسيلة، وهل تنفع الشفاعة الكافر؟) (^٢)
١٩١ - قَوْله تَعَالَى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ﴾ [المائدة: ٣٥] ابْتِغَاءُ الْوَسِيلَةِ إلَى اللهِ إنَّمَا يَكُونُ لِمَن تَوَسَّلَ إلَى اللهِ بِالْإِيمَانِ بِمُحَمَّدٍ ﷺ وَاتِّباعِهِ.
وَهَذَا التَّوَسُّلُ بِالْإِيمَانِ بِهِ وَطَاعَتِهِ: فَرْضٌ عَلَى كُل أَحَدٍ بَاطِنًا وَظَاهِرًا، فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللهِ ﷺ وَبَعْدَ مَوْتِهِ، فِي مَشْهَدِهِ وَمَغِيبِهِ، لَا يسْقط التَوَسُّلُ بِالْإِيمَانِ
(^١) رواه البخاري (٢٦٧٩)، ومسلم (١٦٤٦). (^٢) من هنا سأنتقي نفائس الفوائد والمسائل من كتاب التوسل والوسيلة، إلى حين الإشارة إلى الانتهاء من انتقاء الفوائد منه.
1 / 139