تزايد أعداد المؤمنين بهذه الدعوة وصاحبها يوما بعد يوم، واستعملوا كل وسائلهم وممارساتهم مع رسول الله ﷺ ومع المؤمنين، فلم يروا لها نتيجة تسرهم، بل زادت المؤمنين قوة وصلابة وتمسكا بإيمانهم، وصبرا على ما يلاقونه من الأذى، وأذن الله لهم بالهجرة إلى الحبشة فخرجوا إليها مرتين وآواهم النجاشي ملك الحبشة ونصرهم ورد عروض قريش وسفراءها وخيب آمالهم، فازداد أذاهم لرسول الله ﷺ ومن معه من المؤمنين في مكة، ومن ذلك ما فعلوه برسول الله ﷺ إذ وضعوا عليه سلى الجزور وهو ساجد كما أخرج ذلك الشيخان بسندهما عن عبد الله بن مسعود ﵁ قال: "بينا النبي ﷺ ساجد وحوله ناس من قريش، جاء عقبة بن أبي معيط بسلى جزور فقذفه على ظهر النبي ﷺ، فلم يرفع رأسه، فجاءت فاطمة عليها لسلام فأخذته من ظهره ودعت على من صنع، فقال النبي ﷺ: "اللهم عليك الملأ من قريش أبا جهل بن هشام، وعتبة بن ربيعة، وشيبة بن ربيعة، وأمية بن خلف – أو أبي بن خلف – شعبة الشاك"، فرأيتهم قتلوا يوم بدر، فألقوا في بئر، غير أمية بن خلف أو أبي تقطعت أوصاله فلم يلق في البئر" ١
وتآمروا على قتل رسول الله ﷺ وحاصروه وأصحابه في شعب أبي طالب وكتبوا صحيفة المقاطعة وعلقوها في الكعبة ومكث رسول الله ﷺ وأصحابه ﵃ على ذلك ثلاث سنوات وجدوا فيها من الشدة
١ البخاري مع الفتح ٧/١٦٥، ومسلم مع شرح النووي ١٢/٥٣.