أصول الدعوة وطرقها ٤ - جامعة المدينة
الناشر
جامعة المدينة العالمية
تصانيف
الأَتْبَاع للمتبوعين، وانحرفت في جانب آخر من جوانب العبودية وهو أنَّ السادةَ قد يُحرِّمون على أَتْبَاعهم مَا يَشَاءُونَ، وَيُحِلِّلُون لهم ما يشاءون.
أما في الإسلامِ فالمشرعُ هو الله ﵎ فلا ربَّ سواه، ولا عبوديةَ لأحدٍ إلا لَهُ هو.
وهذا معنى رَبانيةِ المصدر.
أما ربانيةُ الوِجهة: فمعناها: أن يبتغي الإنسانُ بعمله ربَّ العزةِ والجلال ﷾ فالإنسانُ المسلمُ هو الذي تكون أعمالُه كلُّها لله ﷾ كما قال -جل ذكره-: ﴿قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَاي وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ﴾ (الأنعام: ١٦١، ١٦٣) هكذا يُعلن الإنسانُ المؤمنُ تَوجُّهَهُ لله ﷾ في جميعِ أمورهِ، ومن جملتها: منهجه السياسي الذي يسير عليه.
ولعلكم تلاحظون: أن الأمرَ في هذه الآية مُوجَّهٌ للنبي ﵌ أولًا: ﴿قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي﴾ وإذا كان إمام الدولة خاتَم الأنبياء والمرسلين -صلوات الله وسلامه عليه- الذي يتلقى الوحيَ من ربه، هو أولُ العابدين لله، هو أولُ الخاضعين لله، هو أولُ المستجيبينَ لله، فلا شكَّ أن غيرَه من بابِ أولى، والعملُ بالنظام السياسي الإسلامي أمرٌ يُتعبَّدُ اللهُ ﵎ به.
فالسياسيُّ المسلمُ هو الذي يسيرُ على شَرْعِ الله، مُخلصًا في ذلك نيتَه لله ﵎ ولا شكَّ أنه مأجورٌ عند الله ﷾ على عملهِ، ويدل على ذلك حديثُ النبي ﵌ الذي يقول فيه: «سَبْعةٌ يُظلهُمُ اللهُ في ظِلِّهِ يومَ لا ظِلَّ إلا ظِلُّه ...» وذكر منهم: «الإمام العادل».
وفي المقابل فإن مَن أعرَضَ عن السياسةِ الإسلاميةِ وعَمِلَ بخلافِها، فإنَّه ولا شك معرَّضُ للعقوبة من الله ﷾ ويدل على ذلك قولُ النبي ﵌: «ما مِن عبدٍ اسْتَرْعَاهُ اللهُ رَعَيَّةً فَلَمْ يَحُطْهَا بِنُصْحِهِ، إلَّا لَمْ يَجِدْ رائحةَ الجنةِ».
1 / 19