موقف الإمامين البخاري ومسلم من اشتراط اللقيا والسماع في السند المعنعن بين المتعاصرين
الناشر
مكتبة الرشد،الرياض
مكان النشر
شركة الرياض للنشر والتوزيع
تصانيف
فبهذا يتضح أنه في قول همام " حدثنا قتادة عن أنس" لا يُدرى كيف قال قتادة، فقد يكون قال: " حدثني أنس"، أو "قال أنس" أو " حدث أنس"، أو " ذكر أنس" أو "سمعت أنسًا" أو غير ذلكمن لاصيغ التي تصرح بسماعه من أنس أو تحتمله لكن لا يُحتمل أن يكون قال: "بلغني عن أنس " إذ لو قال هكذا لزم همام أن يحكي لفظه أومعناه كأن يقول: "حدثني قتادة عمن بلغه عن أنس " وإلا كان همام مدلسًا تدليس التسوية وهو قبيح جدًا) (١) .
وما قاله الشيخ المعلمي - رحمه الله تعالى - هو الصواب في نظري، إلا أنني لا أرى التعميم في أن صيغة "عن" هي من التلميذ وليست من الشيخ ـكما يقول هو ﵀ لأنه أحيانًا قد يبتدئ بهذا الشيخ لتلاميذه، ويشهد لذلك:
١ - ما أخرجه أبو زرعة الدمشقي في تاريخه إذ قال: (حدثني عبد الرحمن بن إبراهيم عن عمرو بن أبي سلمة قال: قلت للأوزاعي في المناولة، أقول فيها: حدثنا؟ قال: إن كنت حدثتك فقل. فقلت: أقول: أخبرنا؟ قال: لا.
قال: قلت: فكيف أقول؟ قال: قل: قال أبو عمرو، وعن أبي عمرو) (٢) .
فلم يمانع الاوزاعي من أن يُبدأ التحديث بـ"عن" وهذا يدل على أن الأمر كان سائغًا عندهم أن يبتدئ الشيخ أحيانًا بقوله: " أحدثكم عن فلان" أو "عن فلان قال.. " أو " عن فلان".٢ - أخرج مسلم في صحيحه هذا الحديث الذي قال فيه: (وحدثني أبو أيوب الغيلاني، سليمان بن عبد الله، وحجاج بن الشاعر، قالا: حدثنا عبد الملك بن عمرو حدثنا قُرة عن أبي الزبير حدثنا جابر بن عبد الله قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: " من لقي الله لا يشرك به شيئًا دخل الجنة، ومن لقيه يشرك به دخل النار ".
قال أيوب: قال أبو الزبير: عن جابر) (٣) .
_________
(١) التنكيل (١/٨٦) .
(٢) تاريخ أبي زرعة الدمشقي (١/٢٦٤) .
(٣) صحيح مسلم (١/٩٤) .
1 / 68