فلسفة الأعياد وحكمة الإسلام - ضمن «آثار المعلمي»
محقق
محمد عزير شمس
الناشر
دار عالم الفوائد للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٤ هـ
تصانيف
بعضهم بعضًا، فأُمِرُوا بذلك (^١).
وأمَّا الاجتماع والخطبة فأمر مصلحيٌّ لا يقتضي أن يُعَدَّ ذلك اليوم عيدًا.
وأمَّا النهي عن تخصيص يوم الجمعة بالصيام؛ فلو كان لأنَّه عيدٌ لنَهَى عن صيامه مطلقًا، وليس كذلك؛ وإنَّما نَهَى أن يُصام وحده، فلو صامه مع الخميس [ص ٥] أو مع السبت صحَّ؛ كما ثبت عنه ﵌ (^٢).
وههنا فائدةٌ يتعطَّش إليها القارئ، وإن كانت خارجةً عن الموضوع وهي حكمة النهي عن تخصيص يوم الجمعة بصيامٍ، وليله بقيام.
فأقول: قد قيل: لأنَّه عيدٌ، وقد تقدَّم ما فيه.
وقيل: لئلا يَضعُفَ بقيام ليلته وصيامه عن العبادات المشروعة فيه.
وهذا أيضًا باطلٌ؛ لجواز قيام ليلته لمن يريد قيام ليلة السبت، وصيامه لمن يريد صيام يوم السبت؛ كما تقدَّم. والضعف حاصلٌ هنا، وقيل، وقيل.
وعندي أنَّه ﵌ إنَّما نَهَى عن ذلك؛ لأنَّ الله ﷿ لم يشرع التخصيص بذلك. وربما يتوَّهم بعض الناس مشروعية التخصيص بذلك لما ليوم الجمعة من الفضيلة؛ فبيَّن ﵌ أنَّ فضيلة اليوم لا تقتضي مشروعية تَخصيصِه بجميع العبادات؛ بأن يكون لها فيه أجرٌ أعظم منها في سواه؛ وإنَّما يشرع التخصيص بالعبادة التي شرع الله تعالى التخصيص بها.
فيوم الجمعة بالنسبة إلى قيام ليلته وصيام نهاره بمنزلة يوم الثلاثاء في أنَّ الله ﷿ لم يشرع تخصيص كل منهما بذلك. فمن خصَّص أحدهما
_________
(^١) أخرجه البخاري (٩٠٣) ومسلم (٨٤٧) من حديث عائشة ﵂.
(^٢) في الحديث الذي خرجناه آنفا.
17 / 535