ـ[عرض كتاب فصول في أصول التفسير]ـ (*)
عرض: عمرو الشرقاوي
تعريف موجز
الكتاب: فصول في أصول التفسير.
المؤلف: الشيخ د. مساعد الطيار.
الناشر: دار ابن الجوزي، وقد نشر الكتاب عن الدار في إصدارين مختلفين، الأول: ١٤١٣ - ١٤٢٠.
ثم أعادت نشره مع تنقيحات وزيادات عام: ١٤٢٣.
وكلاهما غلاف، ونشر قريبًا - بحمد الله - مع تشجير أعده أحد تلاميذ الشيخ، مع تجليد عن نفس الدار.
في وقت من الأوقات وعندما تبحث في المكتبة القرآنية عن كتاب مؤسس لعلم أصول التفسير، فلن تجد كتابًا يصلح للمدارسة ولاستفادة الفكرة الإجمالية لهذا العلم سوى هذا الكتاب - إلا من محاولات لم تخل من ملاحظة -.
وتمتاز كتابات شيخنا الدكتور / مساعد الطيار = بالتحرير والجدة في الطرح مع العمق، وهذا الكتاب ذكر الشيخ قصته في مقال له بعنوان: «عشرون عامًا مع أصول التفسير».
وهذا الكتاب من الكتب التي ينصح بإدمان المطالعة وجمع الفوائد إليها.
ومع اهتمام الناس بهذا العلم، وجدت ملاحظات على الكتاب - ذكر المؤلف بعضها في شرحه -، وكتب الشيخ أبو فهر السلفي بعضها على ملتقى أهل التفسير.
من أراد معرفة العلم والوقوف على مباحثه، فعليه بهذا الكتاب نظرًا وتدقيقًا.
التعريف بكتاب «فصول في أصول التفسير»
بعد المقدمة عرف المؤلف بما صدر من الكتب المتعلقة بأصول التفسير، وقد ذكر (٣٤) عنوانًا منها رسائل جامعية.
وفي بداية الكتاب ذكر المؤلف أن من سبيل النهوض بهذا العلم: النهوض به من الجانب النظري، والنهوض به من الجانب التحقيقي.
ثم عرف المؤلف بمصطلح «أصول التفسير»، واختار أن تعريفه في الاصطلاح؛ «الأسس والمقدمات العلمية التي تعين على فهم التفسير، وما يقع فيه من الاختلاف، وكيفية التعامل معه.».
وأن محور الدراسة في هذا العلم يدور بين أمرين: كيف فُسِّر القرآن؟ وكيف نفسِّر القرآن؟
ثم تعرض المؤلف لمناهج الكتب المؤلفة في العلم، ولأبرز مراجع هذا العلم.
كما تعرض المؤلف لذكر موضوعات هذا العلم منبهًا أن ليس هناك تحديد دقيق لموضوعات هذا العلم، وذلك لأن النظر إلى موضوع (أصول التفسير) يختلف من مؤلف إلى آخر، وذكر بعض الموضوعات التي يرى أنها من أهم موضوعات هذا العلم.
بعد ذلك تكلم المصنف عن حكم التفسير وأقسامه.
وفي طرق التفسير، ذكر أن للتفسير ستة طرق!، والذي يذكر منها غالبًا أربعة، ثم ذكر بيان هذه الطرق، ثم شرحها بإيجاز.
وفي تفسير القرآن بالقرآن ذكر أنه أبلغ طرق التفسير، وذلك لأن كل قائل أعلم بقوله من غيره، ونبه أنه لا يلزم من ذلك أن كل من قال: إن هذه الآية تفسير لهذه الآية صحةُ ذلك وقَبوله؛ لأن هذا تفسير مبني على اجتهاد المفسر ورأيه، وقد لا يكون صحيحًا.
وذكر من اعتنى بهذا الطريق من أهل التفسير، ثم ذكر أنواع تفسير القرآن بالقرآن.
وفي تفسير القرآن بالسنة النبوية، تعرض لأهمية هذا المصدر، وتعرض لذكر الأنواع المستنبطة في تفسير الرسول ﷺ للقرآن.
وفي تفسير القرآن بأقوال الصحابة، ذكر أهمية الرجوع إلى أقوالهم في التفسير، وأسباب ذلك، ومصادرهم التفسير، وحكم تفسيرهم، وعن التابعين كذلك.
وفي تفسير القرآن باللغة، تعرض الشيخ للمقصود بتفسير القرآن بلغة العرب، وسبب اعتبار هذا طريقًا من طرق التفسير، وبعض ضوابط التفسير باللغة، مع ذكر عدة تنبيهات حول تفسير القرآن باللغة.
وفي التفسير بالاجتهاد والرأي، ذكر مسألة: هل وقع خلاف في جواز التفسير بالرأي؟، ومسألة: هل للتفسير المذموم حد يعرف به؟
وتعرض المؤلف لمصطلح التفسير بالمأثور، والإشكالات الواردة على هذا المصطلح.
كما ذكر أن لفظة مأثور غير دقيقة في إعطاء الوصف، ثم قال: «والذي يظهر لي أن ما يمكن أن يطلق عليه تفسير بالمأثور، ويجب الأخذ به، ثلاثة أنواع» وذكرها.
وفي فصل اختلاف السلف في التفسير، بدأ المؤلف بذكر أن الاختلاف سنة في البشر، وتعرض لذكر تقسيم الاختلاف الواقع في التفسير إلى قسمين:
الأول: اختلاف التنوع.
الثاني: اختلاف التضاد.
وقد وقع هذان القسمان في تفسير السلف، إلا أن الثاني قليل.
وتعرض المؤلف لتعريف اختلاف التنوع واختلاف التضاد، كما تعرض المؤلف لأسباب الاختلاف في تفسير السلف.
وفي الكتاب ذكر المؤلف الإجماع في التفسير، وقال: «لئن كان الإجماع في الفقه حظي بعناية العلماء فألَّفوا فيه إفرادًا، أو ضمَّنوه شيئًا من كتبهم، فإن الإجماع في التفسير لم تكن له هذه العناية»!.
وأن ذلك لا يعني عدم اهتمام المفسرين بهذا الجانب، بل تجد منهم من يحكي الإجماع في معنى بعض الآيات، ولكن هذا لا زال مبثوثًا في تفاسيرهم، لم يستخرج بعد.
وذكر فائدة جمع ما أجمع عليه المفسرون وأهميته، وكيف نصل إلى إجماعات المفسرين؟!، مع عدة تنبيهات وفوائد.
وفي الأصول التي يدور عليها التفسير، وهي التي ذكرها ابن القيم فقال: «وتفسير الناس يدور على ثلاثة أصول: تفسير على اللفظ، وهو الذي ينحو إليه المتأخرون، وتفسير على المعنى، وهو الذي يذكره السلف، وتفسير على الإشارة والقياس، وهو الذي ينحو إليه كثير من الصوفية وغيرهم».
وذكر طريقة السلف العامة في التفسير هي طريقة الإجمال وعدم التفصيل.
وفي توجيه أقوال السلف، ذكر أن هذا الموضوع يعتبر شرحًا لفهم السلف للآية، وكيفية تفسيرهم لها، وكيف قالوا فيها بهذا القول أو ذاك، وذلك إما لغرابة القول، أو للطافته، أو لقوته.
وفي قواعد التفسير، ذكر أن القواعد هي: الأمور الكلية المنضبطة التي يستخدمها المفسر في تفسيره، ويكون استخدامه لها إما ابتداءً، ويبني عليها فائدة في التفسير، أو ترجيحًا بين الأقوال.
وأنه يمكن استنباط هذه القواعد من كتب التفسير، وكتب اللغة، والبلاغة، والأصول.
وفي الأخير ذكر توجيه القراءات وأثره في التفسير.
وذكر المراد بهذا العلم: بيان وجه القراءة من حيث العربية، ومعرفة الفروق بين القراءات المختلفة.
فوائد متنوعة:
١ - في علم العد تطبيقات مهمة، وهو متصل بعلم الوقف والابتداء، وبعلم البلاغة، وله تعلق بفضائل بعض السور والآيات، والآيات المختلف فيها مجال لمثل هذه التطبيقات.
٢ - غاية أصول التفسير تمييز الصواب من الخطأ، والبرهان على ذلك بالعلم الصحيح.
٣ - تقسيم التفسير إلى تحليلي وإجمالي ومقارن تقسيمات فنية، ولا يعني هذا أن كل تفسير قد تميز بأحدها فقط، بل قد تجد في تفسير من التفاسير هذه الأقسام، ولكن الحكم للأغلب؛ فابن جرير تجد في تفسيره: التحليل والإجمال والمقارنة.
٤ - هل الرأي أداة تُستخدم بها هذه الطرق أو غيرها من الطرق غير المعتبرة، أو هو مصدر وطريق من طرق التفسير؟ محلُّ بحثٍ.
٥ - بيان أحكام القرآن على قسمين:
الأول: قسم لا ينفك عن التفسير، فهو تفسير وبيان حكم في آن واحدٍ.
الثاني: قسم يأتي بعد التفسير؛ أي أن بيان المعنى مستقل عن بيان الحكم الفقهي، فمعرفة المعنى أولًا، ثمَّ بيان الحكم الفقهي ثانيًا.
ولعله يتبين أكثر فيما إذا نظرنا إلى بيان المعاني هل ينقص أو يشكل بعدم معرفة الحكم الفقهي أم لا، فإذا كان ينقص، فالحكم الفقهي هو من باب التفسير ومن باب بيان الحكم أيضًا، وإن كان المعنى لا ينقص بعدم تفصيل الحكم، فإن المعنى قد انتهى، والحكم يكون تابعًا له ومرتّبًا عليه، وليس أصلًا فيه.