وقفات مع أحاديث تربية النبي ﷺ لصحابته
الناشر
الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة
رقم الإصدار
السنة السادسة والثلاثون العدد (١١٢) ١٤٢٤هـ
تصانيف
الوقفة الْخَامِسَة: التربية بِالْقُرْآنِ
لقد كَانَ كتاب الله ﷿ لَهُ أعظم الْأَثر فِي تَهْذِيب نفوس الصَّحَابَة وتربيتهم كَيفَ لَا وَهُوَ كتاب الله المعجز الَّذِي تَأْخُذ فَصَاحَته بالألباب. وتؤثر مَعَانِيه فِي الْقُلُوب وَلَو نزل على الْجبَال الراسيات لصدّعها ﴿لَو أنزلنَا هَذَا الْقُرْآن على جبل لرأيته خَاشِعًا متصدعًا من خشيَة الله﴾ (١) هُوَ الَّذِي لم تتمالك الْجِنّ إِذْ حَضَرُوهُ إِلَّا أَن ﴿قَالُوا: أَنْصتُوا فَلَمَّا قضي وَلَو إِلَى قَومهمْ منذرين﴾ (٢) وَقَالُوا أَيْضا ﴿إِنَّا سمعنَا قرآنًاعجبًا يهدي إِلَى الرشد فَآمَنا بِهِ﴾ (٣) وَلَقَد شهد بتأثير الْقُرْآن وفصاحته وعلوه الْمُشْركُونَ الَّذين عاندوه وَكَفرُوا بِهِ فالوليد بن الْمُغيرَة عِنْدَمَا قَرَأَ عَلَيْهِ النَّبِي (الْقُرْآن قَالَ: «وَالله إِن لقَوْله الَّذِي يَقُول حلاوة، وَإِن عَلَيْهِ لطلاوة وَإِن أَعْلَاهُ لمثمر، وَأَن أَسْفَله لمغدق وَإنَّهُ ليعلو وَمَا يعلى عَلَيْهِ، وَإنَّهُ ليحطم مَا تَحْتَهُ» . (٤)
هَذَا الْقُرْآن الْعَظِيم معْجزَة مُؤثرَة على طول الزَّمَان تدل على صدق مُحَمَّد ﷺ وَلذَلِك كَانَ ﷺ يَرْجُو أَن يكون بِهَذِهِ المعجزة أَكثر الْأَنْبِيَاء تَابعا فَفِي الحَدِيث عَن أبي هُرَيْرَة ﵁ قَالَ: قَالَ رَسُول الله ﷺ: «مامن الْأَنْبِيَاء إِلَّا قد أعطي من الْآيَات مَا
_________
(١) سُورَة الْحَشْر: آيَة/٢١.
(٢) سُورَة الْأَحْقَاف: آيَة/٢٩.
(٣) سُورَة الْجِنّ: آيَة/ ١.
(٤) أخرجه الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك (٢/٥٠٦، ٥٠٧) وَقَالَ: هَذَا حَدِيث صَحِيح الْإِسْنَاد على شَرط البُخَارِيّ وَلم يخرجَاهُ وَأخرجه الْبَيْهَقِيّ فِي دَلَائِل النُّبُوَّة (٢/١٩٨، ١٩٩) من طَرِيق الْحَاكِم وَمن طرق أُخْرَى مُرْسلا وَقَالَ بعْدهَا: وكل ذَلِك يُؤَكد بعضه بَعْضًا.
1 / 143