وقفات مع أحاديث تربية النبي ﷺ لصحابته
الناشر
الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة
رقم الإصدار
السنة السادسة والثلاثون العدد (١١٢) ١٤٢٤هـ
تصانيف
فِي نفس ذَلِك الْأَعرَابِي فها هُوَ يروي قصَّته وَيَقُول كَمَا روى أَبُو هُرَيْرَة قَالَ: يَقُول الْأَعرَابِي بعد أَن فقه: «فَقَامَ النَّبِي ﷺ إِلَيّ بِأبي هُوَ وَأمي فَلم يسب وَلم يؤنب وَلم يضْرب» أخرجه ابْن مَاجَه (١) هَكَذَا كَانَ تعامله ﷺ كَانَ أحسن الْخلق خُلقا وأفضلهم تَعْلِيما روى البُخَارِيّ عَن أنس ﵁ قَالَ: «كنت أَمْشِي مَعَ رَسُول الله ﷺ وَعَلِيهِ بُرْد غليظ الْحَاشِيَة فأدركه أَعْرَابِي فَجَذَبَهُ جذبة شَدِيدَة حَتَّى نظرت إِلَى صفحة عاتق رَسُول الله ﷺ وَقد أثرت بهَا حَاشِيَة الْبرد من شدَّة جذبته ثمَّ قَالَ: يَا مُحَمَّد، مُرْلي من مَال الله الَّذِي عنْدك، فَالْتَفت إِلَيْهِ رَسُول الله وَضحك وَأمر لَهُ بعطاء» أخرجه البُخَارِيّ (٢) هَكَذَا كَانَت أخلاقه ﷺ وَلَقَد كَانَ لهَذِهِ الْأَخْلَاق الْعَالِيَة أَثَرهَا فِي نفوس أَصْحَابه الَّذين سادوا من بعده الدُّنْيَا بأخلاقهم وَذَلِكَ عِنْدَمَا اقتدوا بِهِ وَسَارُوا على أَثَره.
ثَانِيًا: جعل الرَّسُول ﷺ للأخلاق مكانة عالية فِي النُّفُوس فَمن ذَلِك أَن جعلهَا من مَقَاصِد بعثته ﵇ فقد صحَّ عَنهُ ﷺ قَوْله: «إِنَّمَا بعثت لأتمم مَكَارِم الْأَخْلَاق وَفِي رِوَايَة صَالح الْأَخْلَاق» أخرجه الإِمَام مَالك فِي الْمُوَطَّأ وَأحمد فِي مُسْنده وَصَححهُ ابْن عبد الْبر (٣) فَلَقَد علق أَمر الْبعْثَة بتتميم الْأَخْلَاق، وتتميم الْأَخْلَاق لَهُ طريقتان:
_________
(١) ابْن مَاجَه (ك: الطَّهَارَة رقم٥٢٢ وَأحمد حَدِيث رقم (١٠١٢٩)
(٢) البُخَارِيّ ك: اللبَاس ب: البرود والحبرة والشملة (١٠/٢٧٥) وَفِي الْأَدَب ب: الْقسم
(١٠/٥٠٣)
(٣) موطأ مَالك (٢/٩٠٤) والمسند (٢/٣١٨) وَأخرجه البُخَارِيّ فِي الْأَدَب المفردرقم: (٢٨٣) وَالْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك (٢/٦١٣) وَقَالَ: صَحِيح على شَرط مُسلم وَوَافَقَهُ الذَّهَبِيّ وَصَححهُ ابْن عبد الْبر (التَّمْهِيد ٢٤/٣٣٣)
1 / 121