سبل السلام من صحيح سيرة خير الأنام عليه الصلاة والسلام
الناشر
مكتبة الغرباء
رقم الإصدار
الثانية
سنة النشر
١٤٢٨ هـ
مكان النشر
الدار الأثرية
تصانيف
منها، وأمر أصحابه فأكلوا معه، قال: فقلت في نفسي: هاتان اثنتان، ثم جئت رسول الله ﷺ وهو ببقيع الغرقد، قال: وقد تبع جنازة من أصحابه، عليه شملتان له، وهو جالس في أصحابه، فسلمت عليه ثم استدرت أنظر إلى ظهره؛ هل أرى الخاتم الذي وصف لي صاحبي، فلما رآني رسول الله ﷺ استدبرته؛ عرف أني استثبت في شيء وصف لي، قال: فألقي رداءه عن ظهره، فنظرت إلى الخاتم فعرفته، فانكببت عليه أقبله وأبكي، فقال لي رسول الله ﷺ: "تحول". فتحولت، فقصصت عليه حديثي -كما حدثتك- يا ابن عباس! قال: فأعجب رسول الله ﷺ أن يسمع ذلك أصحابه. ثم شَغل سلمان الرق حتى فاته مع رسول الله ﷺ بدر واحد، قال: ثم قال لي رسول الله ﷺ: "كاتب يا سلمان". فكاتبت صاحبي على ثلاث مئة نخلة أحييها له بالفقير وبأربعين أوقية، فقال رسول الله ﷺ: "أعينوا أخاكم".
فأعانوني بالنخل، الرجل بثلاثين ودية (صغار النخل)، والرجل بعشرين، والرجل بخمس عشرة، والرجل بعشر -يعني الرجل بقدر ما عنده- حتى اجتمعت لي ثلاث مئة ودية، فقال لي رسول الله ﷺ: "اذهب يا سلمان! ففقر لها، فإذا فرغت فأتني أكون أنا أضعها بيدي". ففقرت لها، وأعانني أصحابي، حتى إذا فرغت منها جئته فأخبرته، فخرج رسول الله ﷺ معي إليها، فجعلنا نقرب له الودي، ويضعه رسول الله ﷺ بيده، فوالذي نفس سلمان بيده؛ ما ماتت منها ودية واحدة، فأديت النخل وبقي علي المال، فأتي رسول الله ﷺ بمثل بيضة الدجاجة من ذهب من بعض المغازي، فقال: "ما فعل الفارسي المكاتب؟ ". قال: فدعيت له. فقال: "خذ هذه فأدِّ بها ما عليك يا سلمان! ". فقلت: وأين تقع هذه يا رسول الله مما علي؟ قال: "خذها؛ فإن الله ﷿ سيؤدي بها عنك".
1 / 239