سبل السلام من صحيح سيرة خير الأنام عليه الصلاة والسلام
الناشر
مكتبة الغرباء
رقم الإصدار
الثانية
سنة النشر
١٤٢٨ هـ
مكان النشر
الدار الأثرية
تصانيف
عباد الله! في هذه الآية الكريمة: ﴿مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اَللهِ وَاَلَّذِينَ مَعَهُ﴾ يثني ربنا جل وعلا على رسوله ﷺ وعلى الصحابة الكرام، ففي قوله تعالى: ﴿مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اَللهِ﴾: يخبرنا ربنا جل وعلا عن محمَّد ﷺ أنه رسوله حقًا بلا شك ولا ريب، وهو خاتم الرسل والأنبياء فلا نبي بعده ولا رسول بعده.
وفي قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ﴾ ثناء من الله تعالى على صحابة رسول الله ﷺ في تعاملهم مع الكفار بالشدة، ومع المؤمنين بالرحمة والعطف، فالكافر الذي هو عدو لله ولرسوله ﷺ يُعَامَلُ بشدةٍ وغلظةٍ، والمؤمن الذي رضي بالله ربًا وبالإِسلام دينًا وبمحمد ﷺ نبيًا ورسولًا يُعَامَلُ بالعطف والرحمة والمحبة والحنان.
كيف لا، والله ﷿ يقول: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ﴾.
عباد الله! الإخوة رابطة قوية، تربط المؤمنين بعضهم ببعض.
ويبين ﷺ شدة هذه الرابطة.
فيقول ﷺ: "المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا" وشبك بين أصابعه (١).
ويقول ﷺ: "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو، تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى" (٢).
فإذا نظرنا يا عباد الله! إلى أحوال المسلمين الآن، فإنه ينطبق علينا العكس تمامًا إلا من رحم ربي، رحماء مع الكفار أشداء فيما بيننا و"إنا لله وإنا إليه راجعون".
_________
(١) متفق عليه، أخرجه البخاري (رقم ٤٨١)، ومسلم (رقم ٢٥٨٥).
(٢) متفق عليه، أخرجه البخاري (رقم ٦٠١١)، ومسلم (رقم ٢٥٨٦).
1 / 7