الاستشراق وموقفه من السنة النبوية
الناشر
مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنورة
تصانيف
ومن أهم عوامل حفظ الصحابة للحديث
١ – أن البساطة في العيش وقلة الاختلاط مع الناس يولد نوعًا من صفاء الذهن وقوة الحفظ والذاكرة بالإضافة إلى أن العرب أمة أمية لا تقرأ ولا تكتب ومعظم علومها تعتمد في الدرجة الأولى على الحفظ، لذا كان من حفظهم ما يضرب به المثل وتناقلته الأجيال عبر التاريخ، مثل أولئك الذين كانوا يحفظون المعلقات الشعرية الطويلة، وكذلك معرفتهم بالأنساب والقبائل والأماكن وغيرها لدليل على تمكن هؤلاء العرب من القدرة على الحفظ دون عوائق، ومن الخطأ الفادح مقارنة العقل البشري المعاصر بعقول تلك العصور من رسالة الإسلام، ومن يقارن ويشابه بينهما ويطبق عليهما الدراسات والأبحاث فإنه سوف يصطدم بعقبات علمية كبيرة، وينزلق في مهاوي الجهل والظلام، وهذا ما وقع فيه المستشرقون الذين قارنوا بين حاضرهم اليوم وماضي هذه الأمة في القرون الأولى لهذا الدين، فشلت دراساتهم.
٢ – أسلوب النبي ﷺ في الحديث مع الصحابة، الذي تميز بالهدوء والأناة، وقِصَر جُمَله وإعادته للجملة الواحدة عدة مرات مما كان له الأثر الواضح في تمكين السامعين من حفظه وتدبره، تقول أم المؤمنين عائشة ﵂: "كان يحدث حديثًا لو عده العاد لأحصاه" (١) . وقالت أيضًا:"ما كان رسول الله ﷺ يسرد سردكم هذا، ولكنه كان يتكلم
_________
(١) صحيح البخاري، برقم ٣٥٦٧، ص٥٩٨.
1 / 75