ليس في ذلك شك، واسمه نفسه يدله على ذلك دلالة قاطعة، فهو أوديب
Œdipe
ذو الرجل المتورمة، ورجله متورمة حقا من أثر ذلك الثقب الذي علق به إلى الشجرة في طفولته الأولى على الجبل. يعرف ذلك من الراعي الذي كلف قتله، ويعرف ذلك من الراعي الذي أنقذه من الموت وأسلمه إلى ملك كورنت. هنالك يتبين أوديب وتتبين جوكاست أن لا مرد لما كتب القضاء؛ فلم يغن عن لايوس تخلصه من الصبي؛ فقد عاش الصبي حتى قتله، ولم يغن عن جوكاست تخلصها من الصبي؛ فقد عاش الصبي حتى اقترن بها. ولم يغن عن أوديب فراره من قصر كورنت وتجنبه ملكها وملكتها هربا من الإثم، فلم يكن من هذين الزوجين في شيء. وإنما هو ابن لايوس وقد قتل لايوس، وابن جوكاست وقد تزوج من جوكاست.
والمهم أنه قد عرف القاتل الذي يجب أن يثأر منه لتخلص المدينة من هذا البلاء؛ فيجب أن يثأر من نفسه إذن، فإن لم يفعل فستثأر منه المدينة التي لم تكن ترى فيه ملكا فحسب، وإنما كانت ترى فيه شيئا يشبه الإله.
فأما جوكاست فلم تكد تظهر على الحقيقة البشعة حتى خنقت نفسها. وأما أوديب ففقأ عينيه بيديه حتى لا يرى الضوء.
وتختلف الروايات بعد ذلك أو قل تختلف الروايات قبل ذلك، ويزيد في اختلافها فن شعراء الممثلين الذين اتخذوا هذه القصة موضوعا للتمثيل؛ فقوم يرون أن جوكاست لم تقتل نفسها، وإنما عاشت حتى رأت اختلاف ابنيها على العرش وتساقيهما الموت، ولم تقتل نفسها إلا بعد أن رأتهما صريعين، وقوم يرون أن أوديب قد نفى نفسه من الأرض بعد أن فقأ عينيه وهام غريبا تقوده ابنته أنتيجون حتى انتهى آخر الأمر إلى ضاحية من ضواحي أثينا فمات فيها.
وآخرون يرون أنه لم ينف نفسه، وإنما نفاه ابناه بعد أن وليا الملك، وآخرون يرون أن ابنيه قد أمسكاه في القصر ولم ينفياه، وإنما نفاه كريون بعد أن مات ابناه، فلجأ إلى الضاحية الأثينية ومات فيها.
هذه هي القصة التي روتها الأساطير اليونانية منذ أبعد العصور؛ فقد تحدثت بها الأودسة
L’Odyssée
في نشيدها الحادي عشر، كما تحدثت بها أقاصيص ثيبا نفسها بعد ذلك.
صفحة غير معروفة