عوائق في طريق العبودية

عبد الكريم الحميد ت. غير معلوم

عوائق في طريق العبودية

الناشر

مركز النجيدي

رقم الإصدار

الثانية

سنة النشر

١٤٢٣ هـ

مكان النشر

بريدة

تصانيف

سر ميل القلب إلى الصور الجميلة الحمد لله رب العالمين، وصلى الله الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .. ... أما بعد: فإن من أعظم أسباب الإعراض عن الله عدم معرفة حقيقة العبودية وسرّها وأنها مجرد تكليف ومشقة وخلاف مطلب القلب ومُتَعلَّقِة. فالشاب ينشأ وفي قلبه ميل ومحبة للجمال وتعلّق بالصّور الجميلة هذا أعظم ما يصبوا إليه قلبه في الغالب ثم قد تثبت محبته لصورة واحدة وقد ينتقل من صورة إلى غيرها والإرادة واحدة وهي طلب اللذة فلولا أنه يجد لذة عظيمة بهذه الصورة لما تعلق قلبه بها، وطلب اللذّة والنعيم ليس أمرًا مذمومًا وإنما الشأن في سرِّ هذه اللذة والنعيم ما هو إذا كان حاصلًا من التعلق بالصور، كذلك هل هذا هو متعلَّق القلب الحقيقي الذي يحصل به نعيمه وسعادته

1 / 3

وسروره أم لا؟. لابد من معرفة أمور مهمة لتظهر الإجابة على هذا الكلام واضحة جلية منها: الأول: معرفة الفطرة التي فطر عليها الإنسان: اعلم أن الفطرة التي فطر عليها كل إنسان هي إرادة خالقه ومحبته فمهما تعلقت هذه الإرادة والمحبة والطلب بغيره مهما يكن سواء إرادة الدنيا أو عشق الصور أو غير ذلك مما يتوهم الإنسان أنه بحصوله له ينال نعميه وسروره ولذته فإن هذا انحراف عن الفطرة ثم لابد من حصول الألم والهمّ والغمّ سواءً حصل هذا المحبوب المزعوم أم لم يحصل لأن ذلك خلاف الفطرة والخِلْقة لكن السرور واللذة التي تحصل بذلك هي من جنس لذة الطعام الشهي المسموم. الثاني: معرفة العبودية: وهي خلوص المحبة للإله

1 / 4

الحق سبحانه بحيث لا يُشاركه فيها غيره فلابد إذًا من التخلص من المحبوب المشارك والمنازع لهذه المحبة. الثالث: معرفة حقيقة المحبوب المشارك المنازع لهذه المحبة: وهو في الغالب طلب المال والعز والشرف كذلك المحبة والعشق والتلذذ برؤية الصور الجميلة وطلب وصالها. أما الأول وهو ما نسميه طلب الدنيا فهذا ليس مذمومًا مطلقًا لكن المذموم منه إذا كان غاية الكائن الحي ومبلغ علمه أما إذا كان وسيلة لغيره فلا بأس به يعني أن يكون وسيلة للغاية الحقيقية التي من أجلها أُوجِدَ هذا الكائن فيكون كالمركب الموصل أو مثل الكنيف الذي يقضي فيه الإنسان حاجته ولا يحتاج أن يقال ولا يتعلق قلبه فيه فهذا معلوم كذلك تكون هذه الوسيلة من طريق طيب.

1 / 5

والفكرة بالموت والعبرة بالأموات تهَوِّن هذا التعلّق وأيضًا الفكر في مفارقة هذا المحبوب قبل الموت حيث أن ذلك يحصل كثيرًا يهون التعلق به. كذلك التعب في تحصيله والهم والغم الحاصل عند حصوله لأنه لابد من ذلك ثم تَبِعاتُه في الآخرة وليس أشفى لهذا الداء من تدبر نصوص الكتاب والسُّنَّة الواردة بهذا الشأن وهي كثيرة جدًا. أما عشق الصور الجميلة وطلب وصالها فهذا أيضًا يُهونه التفكر في المحبوب وأنه مَحْشُوٌّ من الأنجاس والأقذار فكيف يتعبد القلب مَنْ هذه صفته وكما يقال: لو فكّر العاشق في مُنْتَهى ... حُسْنِ الذي يَسْبِيهِ لم يَسْبِه كذلك تحول هذا المعشوق وتغير جماله في وقت قصير وأيضًا تجنِّيه على عاشقه وإدلاله مع أنه ليس هنالك مهما بلغ من الحسن وإنما المسألة كما يقال:

1 / 6

هَوَيتك إذْ عيني عليها غشاوةٌ ... فلما انجلتْ قَطَّعْتُ نفسي ألُومُها والرغبات تسْتر العيوب فمن أعمل فكره فيما وصفت سهل عليه التخلص إن كان أسيرًا واستمر في الحرية من رِقِّ العبودية لقطاع الطريق إن كان طليقًا. ولولا سعة خيال الإنسان بتصوره الشيء على غير حقيقته كذلك الأماني التي هي مركب النفس الفارغة والشهوة والأغاني المهيجة والقصص المثيرة والغفلة أو الإعراض جملة عن الوعد والوعيد لما حصل من ذلك شيء كما يقال: وما الحبُّ لَوْ لم تَجْلُهُ كَفُّ بارعٍ ... سِوَى الهمِّ والغَمِّ المُبَرِّحِ والخُسْر

1 / 7

محبوب القلوب الحق الرابع: معرفة المحبوب الحق وما يتصف به من صفات الكمال والجمال والجلال. ويكفي في هذا أن أهل الجنة بعد ما يباشرون نعيمها الذي هو فوق الوصف إذا رأوا ربّهم وسمعوا كلامه وَدُّوا ألاَّ يعودوا إلى نعيمهم فيها وأن يدوم لهم قُرْب محبوبهم ورؤية وجهه الكريم وسماع كلامه حيث أن هذا متعلق القلب الحقيقي الذي لذته فيه أعظم من لذة النعيم المخلوق في الجنة فضلًا عن محبوبات الدنيا ونعيمها، لكن لابد من التّخْلية قبل التحْلية فتفريغ القلب من المحبوبات المتصوَّرة المتخيَّلة المنقوشة صورها في القلب لابد منه لتبقى المحبة الحقيقية بلا مُزَاحم بانجلاء هذه الحجب الكثيفة، لِتُفْضي المحبة للمحبوب الحق، وتأمل هذه

1 / 8

الأبيات التي تبين خلوص الود للمحبوب الحق ونسخ محبة كل من سواه من القلب: لقد كان يَسْبي القلب في كلِّ ليلةٍ ... ثمانونَ بل تسعونَ نفسًا وأرْجَحُ يهيمُ بهذا ثم يألَفُ غيرَهُ ... ويَسْلوهموا من فَوْرهِ حين يُصبح وقد كان قلبي ضائعًا قبل حُبكمْ ... فكان بحب الخلق يَلْهُو ويمرح فلما دعا قلبي هواك أجابَهُ ... فلستُ أراهُ عن خبائك يبرح حُرِمْتُ منائي منكَ إن كنتُ كاذبًا ... وإن كنتُ في الدنيا بغيركَ أفرح وإن كان شيء في الوجود سواكموا ... يُسَرُّ به القلب الجريح ويفرح إذا لعبت أيدي الهوى بمحبكم ... فليس له عن بابكم متزحزح فإن أدركته غُرْبْةٌ عن دياركمْ ... فحبكموا بين الحشا ليس يبرح وكمْ مُشْتَرٍ في الخلق قدْ سَام قلبَهُ ... فلم يَرَهُ إلا لحبكَ يصْلُحُ هوى غيركم نار تلظَّى ومحبسٌ ... وحبكموا الفردوسُ بل هو أفسح فيا ضَيْم قلبٍ قدْ تعلَّق غيركمْ ... ويا رحمة مما يجول ويكدح إذا تبيّن هذا فعلى المعشوق أيضًا الموهوب مسحة من جمال ووضاءة ألاَّ ينخدع ويغتر بنفسه ويغرَّ غيره وأن يتفكر في حاضر حاله ومستقبله ولا يتصنع لعاشقه رِضىً

1 / 9

بما يصنع فإنه يشاركه في الإثم والانقطاع عن الله. (١) أما حب الرجل لزوجته فمحمود مالم يتعد الحدود: ﴿وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً﴾. (٢)

(١) كتاب (أحداث صحبة الأحداث) فيه بيان هذه الأمور. (٢) سورة الروم، الآية: ٢١.

1 / 10

عبادة المعشوق ومن الأمور الواضحة أن المعشوق في هذا الزمان قد صار ندًّا لله في المحبة وكثير من العاشقين نسي محبة ربّه لامتلاء قلبه من محبة معشوقه، وأعظم ما يُوري هذه النار الغناء حيث أنه يسكر الروح فتهيم في أودية الضلالة وقد قال تعالى: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ﴾. وإذا كان الغناء في كلام السلف رقية الزنا فهو في هذا العصر رقية الشرك حيث يقول بعضهم: أحبه حبيبي وأعبد حبيبي، والآخر يقول: وركعتُ ساعات على قَدَمَيْهِ، ونحو ذلك كثير.

1 / 11

الرجوع إلى الله والعشق حركة قلب فارغ يعني من محبّة الله التي هو مفطور عليها، فالمطلوب هنا التوبة والرجوع إلى الله ﷿ من مثل هذه الأمور العظيمة التي قد لا يخطر على قلب المبتلى بها أنها آثام وهي من عظيم الإجرام وقد يتصور الكثير أن التوبة فقط من ترك الطاعة وفعل الفاحشة ولا يرى أن العشق مثل ذلك فقد لا يتوب منه مع أنه لُبّ العبودية لأن تعلق القلب بغير المحبوب الحق من أعظم الحجب. هذا كالمدخل والتنبيه لأمور جليلة عظيمة، الإسهاب فيها يطول ويطول ومفتاح ذلك التفكر، ومن أراد التزود من هذا بل وأحسن منه وأجمل وأوفى للمقصود فعليه بكتاب (طريق الهجرتين) لابن القيم، و(الجواب الكافي) له و(روضة المحبين) له، و(ذم

1 / 12

الهوى) لابن الجوزي، و(استنشاق نسيم الأنس من نفحات رياض القدس) لابن رجب ﵏ أجمعين، وعسى الذين مَنَّ علينا بهذا معرفة أن يمنَّ علينا به حالًا.

1 / 13

ومن أسمائه الحسنى (الجميل) قال ابن القيم ﵀: ومن أسمائه الحسنى: الجميل، ومَنْ أحقُّ بالجمال ممن كل جمال في الوجود فهو من آثار صُنْعه، فله جمال الذات، وجمال الأوصاف، وجمال الأفعال، وجمال الأسماء، فأسماؤه كلها حسنى وصفاته كلها كمال، وأفعاله كلها جميلة، فلا يستطيع بشرٌ النظر إلى جلاله وجماله في هذه الدار، فإذا رأوه سبحانه في جنات عدن أنْسَتْهم رؤيته ما هم فيه من النعيم فلا يلتفتون حينئذٍ إلى شيء غيره. انتهى. وقال الحسن: إذا نظر أهل الجنة إلى الله تعالى نسوا نعيم الجنة. وقال مالك بن دينار: جنات النعيم بين الفردوس

1 / 14

وبين جنات عدن فيها جوارٍ خُلقن من ورْد الجنة يسكنها الذين هَمُّوا بالمعاصي فلما ذكروا الله ﷿ راقبوه فانثنت رقابهم من خشية الله ﷿.

1 / 15

نماذج من التقوى والعفاف والآن نذكر بعض القصص في هذا المعنى من (روضة المحبين) لابن القيم ﵀. قال يحيى بن عامر التيمي: خرج رجل من الحي حاجًّا فَوَرَدَ بعض المياه ليلًا، فإذا هو بامرأة ناشرة شعرها، فأعرض عنها فقالت له: هلمّ إليَّ فلِمَ تعرض عني؟ فقال: إني أخاف الله رب العالمين فَتجَلْبَبَتْ ثم قالت: هِبْتَ والله مُهابا، إن أولى من شَرَكَكَ في الهيبة لَمَنْ أراد أن يشركك في المعصية، ثم ولَّتْ فتبعها، فدخلت بعض خيام الأعراب، قال فلما أصبحتُ أتيتُ رجلًا من القوم فسألته عنها وقلت: فتاة صِفتُها كذا وكذا فقال: هي والله ابنتي، فقلت: هل أنت مُزَوَّجي بها؟ فقال: على الأكفاء فمن أنت؟ فقلت: رجل من

1 / 16

تيم الله، فقال: كفوٌ كريم، فما رُمْت حتى تزوجتها ودخلت بها، ثم قلت: جهزوها إلى قدومي من الحج، فلما قدمنا حملتها إلى الكوفة وها هي ذي ولي منها بنون وبنات، قال: فقلت لها: ويحك ما كان تعرُّضكِ لي حينئذٍِ؟ فقالت: يا هذا ليس للنساء خيرٌ من الأزواج، فلا تعجبنَّ من امرأة تقول هَوَيْت، فو الله لو كان عند بعض السودان ما تريده من هواها لكان هواها. وقال يحيى بن أيوب: كان بالمدينة فتى يُعجب عمر بن الخطاب ﵁ شأنه، فانصرف ليلة من صلاة العشاء فتمثّلت له امرأة بين يديه فعرَّضت له بنفسها ففتن بها ومضت فاتبعها حتى وقف على بابها فأبصر وجلا عن قلبه وحضرته هذه الآية ﴿إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ﴾ (١)

(١) سورة الأعراف، آية: ٢١٠.

1 / 17

فخرَّ مغشيًا عليه، فنظرت إليه المرأة فإذا هو كالميت فلم تزل هي وجارية لها يتعاونان عليه حتى ألقياه على باب داره فخرج أبوه فرآه مُلقى على باب الدار لِما به فحمله وأدخله فأفاق فسأله ما أصابك يا بني؟ فلم يخبره، فلم يزل به حتى أخبره فلما تلا الآية شهق شهقة فخرجت نفسه فبلغ عمر ﵁ قصته فقال: ألا آذنتموني بموته؟ فذهب حتى وقف على قبره فنادى: يا فلان ... ﴿وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ﴾ (١) فسمع صوتًا من داخل القبر: قد أعطاني ربي يا عمر. وقال أبو عمران الجوني: كان رجل من بني إسرائيل لا يمتنع من شيء فجَهِدَ أهل بيت من بني إسرائيل فأرسلوا إليه جارية منهم تسأله شيئًا فقال: لا أو تمكنيني من نفسك، فخرجت فجهدوا جهدًا شديدًا فرجعت إليه

(١) سورة الرحمن، الآية: ٤٦.

1 / 18

فقالت: أعطنا فقال: لا أو تمكنيني من نفسك، فرجعت، فجهدوا جهدًا كثيرًا فأرسلوها إليه فقال لها ذلك فقالت: دونك، فلما خلا بها جعلت تنتفض كما تنتفض السعفة، قال لها: مالك؟ قالت: إني أخاف الله رب العالمين، هذا شيء لم أصنعه قط، قال: أنت تخافين الله ولم تصنعيه وأفعله؟ أعاهد الله أني لا أرجع إلى شيء مما كنت فيه، فأوحى الله إلى نبي من أنبيائهم أن فلانًا أصبح في كتاب أهل الجنة. وقال حصين بن عبد الرحمن: بلغني أن فتى من أهل المدينة كان يشهد الصلوات مع عمر بن الخطاب ﵁ وكان عمر يتفقده إذا غاب، فعشقته امرأة من أهل المدينة، فذكرت ذلك لبعض نسائها، فقالت: أنا أحتال لكِ في إدخاله عليك، فقعدت له في الطريق، فلما مرَّ بها قالت: إني امرأة كبيرة السن ولي شاة لا أستطيع

1 / 19

أن أحلبها، فلو دخلت وحلبتها لي، وكانوا أرغب شيء في الخير، فدخل فلم يَرَ شاةً، فقالت: اجلس حتى آتيك بها فإذا المرأة قد طلعت عليه، فلما رأى ذلك عَمَد إلى محراب في البيت فقعد فيه فأرادته عن نفسه فأبى وقال: اتقي الله أيتها المرأة فجعلت لا تكف عنه ولا تلتفت إلى قوله، فلما أبى عليها صاحت عليه فجاءوا فقالت: إن هذا دخل عليَّ يريدني عن نفسي، فوثبوا عليه وجعلوا يضربوه وأوثقوه، فلما صلّى عمر الغداة فَقَدَه، فبينا هو كذلك إذ جاءوا به في وثَاق، فلما رآه عمر قال: اللهم لا تخلف ظني به، قال: ما لكم؟ قالوا: استغاثت امرأة بالليل فجئنا فوجدنا هذا الغلام عندها فضربناه وأوثقناه، فقال عمر ﵁: أصْدُقني، فأخبره بالقصة على وجهها فقال له عمر ﵁: أتعرف العجوز؟ قال: نعم إن رأيتها عرفتها، فأرسل عمر إلى نساء

1 / 20

جيرانها وعجائزهن فجاء بهن فعرضهن فلم يعرفها فيهن حتى مرّت به العجوز فقال: هذه يا أمير المؤمنين، فرفع عمر عليها الدرَّة وقال: أصدقيني، فقصَّت عليه القصة كما قصها الفتى، فقال عمر: الحمد لله الذي جعل فينا شبيه يوسف. انتهى. وهذه قصيدة عبارة عن محاورة بين شابين تبين توبتهما وتركهما ما يلهيهما عن الحق.

1 / 21

توبة شابَّيْن قال شابٌ مُنْهَمِكٌ في المعاصي لِصاحبه: يا صاحبي ما لي أراكَ تغيرت ... منك الطَّباع كأنَّ عقلُك ذاهلُ عهدي بقلبك ساليًا من هَمِّهِ ... واليوم أصبح فيك هَمُّ واغِلُ قُمْ كي نُشَاهِدَ ما يَسُرُّ قلوبنا ... ودَعِ الهُمومَ وكلَّ ما هو شاغل صُوَرٌ حِسانٌ مع سماعٍ شائقٍ ... في مشهدٍ إمتاعُهُ مُتَواصِلُ من شاشةٍ تأتي بكل عجيبةٍ ... ألْهَمُّ للإنسان داءٌ قاتل ماذا تقولُ وَهَلْ بهذا كلّه ... بأسٌ يَصُدُّكَ أو حِجابٌ حائلُ قال صاحبه وكان قد تاب مما كان عليه: إني أقولُ لَعَلَّ قلبكَ حاضرٌ ... أو ألْقِ سمعا لِلَّذي أنا قائلُ هذا الذي زَيَّنْتَ لي أوصافهُ ... وتقولُ فيه لنا سرورٌ عاجل هُوَ شُغْلُ قلبٍ فارغٍ مِمَّا لَهُ ... خُلِقَ العبادُ وأنتَ غِرٌّ جاهل اسمعْ مقالة ناصح لك مُشْفِقٍ ... لا يُلْهِيَنَّكَ عن هُدَاكَ الباطل إني علمتُ بأنَّ هذا كُلَّهُ ... داء القلوب وغمُّها المُتواصِلُ لِلرُّوحِ يُسْكِرُ مثل سُكْر مَدَامَةٍ (١) ... لا تَسْتَفِيقُ وكل شر حاصل

(١) الخمر.

1 / 22