104

نزهة المشتاق في اختراق الآفاق

الناشر

عالم الكتب

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٠٩ هـ

مكان النشر

بيروت

حوله في كل جمعة مرتين وعلى أعلى رأسه جرس معلق تمتد منه سلسلة ذهب إلى خارج القصر مهندمة الوضع ويتصل طرف السلسلة إلى أسفل القصر فإذا جاء المظلوم بكتاب مظلمته جاء إلى طرف السلسلة فاجتذبها فيتحرك الجرس فيخرج وزير الملك يده من الطاق وذلك علامة يفهم بها أنه يقول له اصعد إلينا فيصعد المظلوم هناك إلى المجلس على درج مختص بصعود المظلومين عليه حتى يقف بين يدي الملك فيسجد المظلوم ثم يقف فيمد الملك يده إلى المظلوم ويأخذ الكتاب منه وينظر فيه ثم يدفعه إلى وزرائه ويحكم له بما يجب الحكم به بما يقتضيه مذهبه وشرعه من غير تسويف ولا تطويل ولا وساطة وزير ولا حاجب ومع ذلك فإنه مجتهد في دينه مقيم لشريعته ديان محافظ كثير الصدقة على الضعفاء ودينه عبادة البدود وبين مذهبه ومذهب الهندية انحراف يسير وأهل الهند والصين كلهم لا ينكرون الخالق ويثبتونه بحكمته وصنعته الأزلية ولا يقولون بالرسل ولا بالكتب وفي كل حال لا يفارقون العدل والإنصاف.
وأهل الإقليم الأول كلهم سمر أو سود فأما أهل الهند والسند والصين وكل من احتضن منهم البحر فألوانهم سمر وأما أهل الصحارى من الزنج والحبشة والنوبة وسائر السودان الذين سبق ذكرهم فلقلة الرطوبة البحرية وتوالي إحراق الشمس لهم وممرها عليهم دائما تفلفلت شعورهم واسودت ألوانهم وأنتنت أعراقهم وتقشفت جلود أقدامهم وتشوهت خلقهم وقلت معارفهم وفسدت أذهانهم فهم في نهاية الجهالة واقعون وإليها ينسبون وقلما أبصر منهم عالم أو نبيل وإنما يكتسب ملوكهم السياسة والعدل بالتعليم من أقوام يصلون إليهم من أهل الإقليم الرابع أو الثالث ممن قرأ السير وأخبار الملوك وقصصها.

1 / 98