وتتابع الروايات حكايتها، فتقول: إنه كان لتلك القصة المعروفة في التراث الإسلامي بحديث الغرانيق، صدى واسع، حتى إنه وصل إلى مسامع المسلمين المهاجرين لدى نجاشي الحبشة، فقفلوا من مهجرهم راجعين بعد أن انتفى سبب اغترابهم. لكن هؤلاء التقوا في طريق عودتهم بركب من كنانة، أخبروهم أن النبي
صلى الله عليه وسلم
ذكر شفعاء قريش بخير فتابعوه، لدرجة أنهم صلوا صلاته، ثم ارتد عنها فعادوا لمعاداته، فبعد أن قال: «أفرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى، تلك الغرانيق العلا، إن شفاعتهن لترتجى.» عاد يقول: إن جبريل جاءه وعاتبه قائلا: «ماذا صنعت؟ لقد تلوت على الناس ما لم آتك به من الله عز وجل، وقلت ما لم يقل.» ثم تلا:
أفرأيتم اللات والعزى * ومناة الثالثة الأخرى * ألكم الذكر وله الأنثى * تلك إذا قسمة ضيزى (النجم: 19-22).
4
وقد عقب القدامى والمحدثون على حديث الغرانيق لنفيه، واستهجانا له، وللإيجاز يقول د. شعبان محمد إسماعيل من المحدثين: «وهذه القصة غير ثابتة لا من جهة النقل، ولا من جهة العقل.»
5
ومن القدامى أبو جعفر النحاس الذي هاله أمرها، فقام يعلن أن «هذا حديث مفظع وفيه هذا الأمر العظيم.»
6
وقدم محقق كتابه لذلك بحجة منطقية تماما، وهي «أنه لو جوزنا ذلك، لذهبت الثقة بالأنبياء، ولوجد المارقون سبيلا للتشكيك في الدين.»
صفحة غير معروفة