والوجه الثالث الذي عندي. وهو الذي غفل الشيخ أبو محمد أن يذكره: هو شيء من حكم الله، في علمه أنه لا يفعله دعا به الداعي، أو لم يدع به، لأنه لو أن أحدا دعا ربه: أن يزيل له البحور من أماكنها، لم يشأ الله ذلك، وأن يأتي بالقيامة قبل وقتها، ويميت له من لم يشأ الله يميته بعد، أو يحيي له، من قد مات، ممن سبق في علم الله: أنه لا يحييه إلا يوم القيامة، أو يسأله أن يسقط السماء على الأرض، أو يجعل عمره مائة ألف سنة، أو نحو هذا، مما لم يكن سابقا ذلك في علم الله تعالى، لم يجب السائل في ذلك. دعا به الداعي أو لم يدع؛ لأنه ليس الدعاء إلا على الوجهين اللذين ذكرهما الشيخ أبو محمد عبدالله بن محمد بن بركة فقط؛ لأن هذا الوجه الثالث الذي ذكرناه، شاهر ظاهر،لا يرده راد، لصحته وثبوته. وبالله التوفيق.
************
الباب التاسع والسبعون والمائتان
فيمن يسأل الله تعالى بحق أنبيائه عليه
أو بحرمتهم أو أحد من خلقه
من جوابات أبي الحواري:
وعمن دعا الله فقال: بحق محمد عليك، أو بحق الأنبياء والملائكة عليك هل يجوز أن يدعو بهذا الدعاء؟
فالذي بلغنا عن محمد بن محبوب -رحمه الله-: أنه كان يقول: يقال: بحرمة الأنبياء والملائكة، بحرمتهم عليك.
ومن قال: بحق لم نقل: إنه أخطأ.
وأولى ما اتبع: قول العلماء: وبحرمة. وهو أحب إلينا.
قال المؤلف: بحق محمد، لا يجوز في قول بعض.
وكذلك من دعا الله فقال: بحق أنبيائك عليك، وبحق رسلك وملائكتك عليك. فهذا لا يجوز.
قال الشيخ أبو بكر: إلا أن يريد بذلك الاستشفاع بهم إلى الله. فعلى هذا الوجه يجوز.
مسألة:
قال أبو محمد: واختلفوا فيمن يسأله بفعله.
فأما أفعاله، فمثل بحق أنبيائك افعل لي كذا وكذا.
فعلى قول من أجاز ذلك قال: من فضل الشفيع على من يشفع إليه.
وأما قول من لا يرى ذلك. فيقول: لا حق لأحد عليه. وحقه على عباده.
صفحة ٢٠٢