124

النور لعثمان الأصم

تصانيف

فمن لم يكن شاكرا، كان كافرا. وقال الله تعالى: { اشكروا لي ولا تكفرون } فالخلق أجمعون، إما طائع، وإما عاص، وإما مؤمن، وإما كافر، وإما مهتد، وإما ضال، لا غير ذلك. وقد قالت اليهود والنصارة: إنما نحن عند الله بمنزلة الولد، إن عذبنا، فبقدر ذنوبنا. فأنزل الله فيهم: { وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه قل فلم يعذبكم بذنوبكم بل أنتم بشر ممن خلق يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء } وما شاء أن يغفر لليهود والنصارى، حتى يسلوا ولكن يغفر لمن تاب منهم، ودخل في الإسلام، ويعذب من أقام على كفره، وتكذيبه بمحمد - صلى الله عليه وسلم - والقرآن ومن آثار المسلمين.

وأما قوله تعالى: { خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض إلا ما شاء ربك [107] } فكان جابر يقول: إن الله يعزم، ثم يستثني. وإنما شاء الخلود، كقوله تعالى: { لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله } وقد شاء أن يدخلوه. وكقوله تعالى: { إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء } وقد بين مشيئته لمن شاء أن يغفر له. فقال: { وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى } وقوله تعالى: { إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم } فقال بعض المسلمين وهو أبو سعيد: إنما يكفر عنه الصغائر باجتناب الكبائر، إذا لم يصر على الصغائر، لأن الإصرار عندهم كبيرة، كان الإصرار على كبير أو صغير؛ لأن الله تعالى يقول: { ولم يصروا على ما فعلوا وهو يعلمون } ولم يذكر فعلوا كبيرة، دون صغيرة. فدل أن ما فعله، من الصغير ولكبير، فأصر عليه، فهو مستحق الخلود في النار؛ لقوله تعالى: { فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره } فلو كانت الصغائر تغفر بلا توبة، إذا اجتنبت الكبائر، كما قال بعض مخالفينا، لم يكن لقوله تعالى: { فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره. ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره } معنى. وبالله التوفيق.

الباب السابع والثلاثون والمائة

في المنزلة بين المنزلتين

قال المؤلف: اعلم أن الكافرين والمنافقين والفاسقين والظالمين والجائرين كل أولئك لاحق لهم اسم الكفر وكل من مات على ما هو عليه مصرا، مات كافرا على كفره.

صفحة ١٢٤