نور التقوى وظلمات المعاصي في ضوء الكتاب والسنة
الناشر
مطبعة سفير
مكان النشر
الرياض
تصانيف
جوّالًا حول السفليات والقاذورات والرذائل، كما أن القلب الذي رفعه الله وقرَّبه إليه لا يزال جوالًا حول العرش، وأما مسخ القلب، فإن من القلوب ما يمسخ بسبب المعاصي كما تمسخ الصورة فيصير القلب على قلب الحيوان الذي شابهه في أخلاقه، وأعماله، وطبيعته، فمن القلوب ما يمسخ على قلب خنزير، لشدة شبه صاحبه به، ومنها ما يمسخ على قلب كلب، أو حمار، أو حية، أو عقرب، ومن الناس من يكون على أخلاق السباع العادية، ومنهم من يتطوس في ثيابه كما يتطوس الطاووس في ريشه، ومنهم من يكون بليدًا كالحمار، وغير ذلك (١).
١٨ - المعاصي تُنكّس القلب حتى يرى الباطل حقًا والحق باطلًا، والمعروف منكرًا، والمنكر معروفًا، ويفسد ويرى أنه يصلح، ويشتري الضلالة بالهدى وهو يرى أنه على الهدى، وكل هذا من عقوبات الذنوب الجارية على القلب (٢).
١٩ - تُضَيِّق الصدر، فالذي يقع في الجرائم، ويُعرض عن طاعة الله يضيق صدره بحسب إعراضه، قال الله ﷿: ﴿فَمَن يُرِدِ الله أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ يَجْعَلُ الله الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ﴾ (٣)، فمِنْ أعظم أسباب ضيق الصدر الإعراض عن الله تعالى، وتعلق القلب بغيره، والغفلة عن ذكره، ومحبة ما سواه؛ فإن من أحبّ شيئًا غير الله عُذِّب به،
_________
(١) انظر: الجواب الكافي، لابن القيم، ص٢١٣ - ٢١٤.
(٢) انظر: المرجع السابق، ص٢١٥.
(٣) سورة الأنعام، الآية: ١٢٥.
1 / 68