نور التقوى وظلمات المعاصي في ضوء الكتاب والسنة
الناشر
مطبعة سفير
مكان النشر
الرياض
تصانيف
صغر في قلب العبد وعينه عَظُم عند الله؛ ولهذا قال عبد الله بن مسعود ﵁: «إن المؤمن يرى ذنوبه كأنه قاعد تحت جبل يخاف أن يقع عليه، وإن الفاجر يرى ذنوبه كذباب مَرّ على أنفه فقال به هكذا» (١).
فالمؤمن قلبه فيه نور، فهو على يقين من الذنب الصغير، وليس على يقين من المغفرة، فيخاف الذنب الصغير أن يهلكه كالجبل، والفاجر قليل المعرفة بالله، ولذلك قلّ خوفه من الله، واستهان بالمعصية (٢).
٩ - تُورث الذلّ، فإنّ العزّ كلّ العزّ في طاعة الله ﷿،والذلّ كلّ الذلّ في معصية الله ﷾،قال الله ﷿: ﴿مَن كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلله الْعِزَّةُ جَمِيعًا﴾ (٣)، وقال ﷿: ﴿وَلله الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ﴾ (٤)، وعن عبد الله بن عمرو بن العاص ﵄، قال، قال رسول الله ﷺ: «بعثت بين يدي الساعة بالسيف حتى يعبد الله وحده لا شريك له، وجُعِل رزقي تحت ظلِّ رمحي، وجُعِل الذّلُّ والصَّغارُ على من خالف أمري، ومن تشبّه بقوم فهو منهم» (٥).
فمن أراد العزّة فليطلبها بطاعة الله؛ فإنه لا يجدها إلا في طاعته، وكان من دعاء بعض السلف: «اللهم أعزّني بطاعتك ولا تذلّني بمعصيتك»،
_________
(١) البخاري في صحيحه، ٧/ ١٨٨، برقم ٦٣٠٨، وتقدم تخريجه.
(٢) انظر: فتح الباري، لابن حجر، ١١/ ١٠٥.
(٣) سورة فاطر، الآية: ١٠.
(٤) سورة المنافقون، الآية: ٨.
(٥) أخرجه أحمد في المسند، ٢/ ٥٠، ٩٢، وابن أبي شيبة في المصنف، ٥/ ٣١٣، وصححه الألباني في إرواء الغليل، ٥/ ١٠٩.
1 / 61