أكابر أهل عصره، وأفتى ودرس وجمع وصنف، من مصنفاته: " شرح المنهاج "، و" لباب التهذيب "، و" الذيل على تاريخ ابن كثير "، وغير ذلك، توفي ليلة الْجُمُعَةِ ثاني عشر من ذي القعدة سنة إحدى وخمسين وثمان مئة (١).
خامسًا: شِهَابٍ الدِّين أبو الفضل أحمد بن عَلَيِّ بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَلَيِّ ابن أحمد بن حَجَر الكناني العسقلاني الشَّافِعِيّ.
ولد فِي شعبان سنة ثلاث وسبعين وسبعمئة عَلَى شاطئ النيل بمصر القديمة.
نشأ الحافظ ابن حَجَر يتيمًا، إذ مات أبوه فِي رجب سنة سبع وسبعين وسبعمئة، وماتت أمه قبل ذَلِكَ وَهُوَ طفل، وَكَانَ أبوه قد أوصى بِهِ إِلىَ رجلين ممن كَانَت بينه وبينهم مودة هما: زكي الدِّين أبو بَكْرِ بن نور الدِّين عَلَيٍّ الخروبي وَكَانَ تاجرًا كبيرًا بمصر. وثانيهما: العلامة شمس الدِّين بن القطان، الذي كَانَ لَهُ بوالده اختصاص فنشأ في كنف الوصاية فِي غاية العفة والصيانة، وَكَانَ الحافظ ابن حَجَر قد راهق ولم تعرف لَهُ صبوة ولم تضبط لَهُ زلة.
حفظ القرآن وَهُوَ ابن تسع سنين، وصلى بالناس التراويح إمامًا فِي المسجد الحرام، وَهُوَ ابن اثنتي عشرة سنة إبان مجاورته مَعَ وصيه الخروبي بمكة المكرمة، وحفظ بعد رجوعه إِلىَ مصر " عُمْدَة الأحكام " لعبد الغني المقدسي، و"الحاوي الصَّغِير" للقزويني، و"مُخْتَصَر ابن الحاجب الأصلي " و" الملحة " وغيرها.
وَكَانَ قد أُعطي حافظة قوية، فكان يحفظ كل يَوْمٍ نصف حزب من القرآن، وَكَانَ فِي غالب أيامه يصحح الصحيفة من " الحاوي الصَّغِير "، ثُمَّ يقرؤها مرة أخرى، ثُمَّ يعرضها فِي الثالثة حفظًا، لازم كثيرًا من الشيوخ من المحدّثين والفقهاء والقراء
_________
(١) انظر: نظم العقيان فِي أعيان الأعيان: ٩٤، وشذرات الذهب ٧/ ٢٦٩، والأعلام ٢/ ٦١، ومعجم المؤلفين ٣/ ٥٧ - ٥٨.
1 / 12