وقد كان يستدعى إليه العلماء، كما فعل مع أبي العباس الْمَلْتَاني (ت ٦٤٤ هـ)؛ وهذا الأمير هو الذي هرع إليه ابن الأبار -الذي سَيَلِي له العلامةَ فيما بعد- سفيرًا لابن مرْدَنِيش، يستفْتِحُ به ويستصْرخُه، لرتق ما انخرق من حُلَّة الوجود الإسلامي بالأندلس، إذْ أنشد بين يديه سينيته المبكية التي ولع بها المتأدبون -والتي لا تضارعها إلا نونية الرندي-:
أَدْرِكْ بخَيْلِك خيل الله أَنْدَلُسا ... إنَّ السبيلَ إلى مَنْجَاتِهَا دَرَسَا
ويجمُل ذِكرُ أنه قد استُصرخ بقصيد آخر لم ينسبْه المقري -مرعىً ولا كالسعدان! - طالِعَته:
نادتْك أندلسٌ فلب نداءَها ... واجْعَلْ طواغيتَ الصَّلِيبِ فِدَاءَها
وناهيك برجلٍ يهْتَبِلُ بالأصول العلمية، فيفتشُ عنها ويتطلّبُها تطلب الصادي للماء القراح، حتى لقد سمع بنسخة من "فصيح" ثعلب بخط اللغوي أبي إسحق إبراهيم بن الأجدابي بيعت بطرابلس، فَبَرَدَ بريدا إليها في البحث عنه، فبُحث عنه ووجِّه به إليه؛ وسمع كرةً أخرى بوجود نسخة من "أمثلة الغريب" لأبي الحسن الهنائي المعروف بكُرَاعِ النمل بخط الأجدابي المذكور، فوجه إليها بطرابلس. وقد خلَّف من الكتب ستة وثلاثين ألف مجلّد.
وهو من الحفصيين الذين شجعوا العلماء على التصنيف في مختلف مجالات العلم حتى الطب، فهذا أحمد بن محمد، ابن الحشَّا، الطبيب التونسي (من رجال ق ٧ هـ)
1 / 26