النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة
الناشر
وزارة الثقافة والإرشاد القومي،دار الكتب
مكان النشر
مصر
فلما أبطأ الفتح على عمرو قال الزبير: إني أهب نفسي لله تعالى وأرجو أن يفتح الله بذلك على المسلمين، فوضع سلمًا إلى جانب الحصن من ناحية سوق الحمام ثم صعد وأمرهم إذا سمعوا تكبيره يجيبونه جميعا؛ فما شعروا إلا والزبير على رأس الحصن يكبر ومعه السيف، وتحامل الناس على السلم حتى نهاهم عمرو خوفًا أن ينكسر السلم، وكبر الزبير تكبيرة فأجابه المسلمون من خارج، فلم يشك أهل الحصن أن العرب قد اقتحموا جميعًا الحصن فهربوا وعمد الزبير بأصحابه إلى باب الحصن ففتحوه واقتحم المسلمون الحصن. فلما خاف المقوقس على نفسه ومن معه سأل عمرو ابن العاص الصلح ودعاه إليه على أن يفرض للعرب على القبط دينارين دينارين على كل رجل منهم، فأجابه عمرو إلى ذلك.
وكان مكثهم على القتال حتى فتح الله عليهم سبعة أشهر. انتهى كلام ابن عبد الحكم باختصار.
وقال غيره في الفتح وجهًا آخر قال: لما حصر المسلمون بابليون وكان به جماعة من الروم وأكابر القبط ورؤسائهم وعليهم المقوقس فقاتلوهم شهرًا، فلما رأى القوم الجد من العرب على فتحه والحرص، ورأوا من صبرهم على القتال ورغبتهم فيه خافوا أن يظهروا عليهم، فتنحى المقوقس وجماعة من أكابر الأقباط وخرجوا من باب القصر القبلي وتركوا به جماعة يقاتلون العرب، فلحقوا بالجزيرة (موضع «١» الصناعة اليوم) وأمروا بقطع الجسر وذلك في جري النيل. ويقال: إن الأعيرج تخلف بالحصن بعد المقوقس؛ فأرسل المقوقس إلى عمرو:
«إنكم قد ولجتم في بلادنا وألححتم على قتالنا، وطال مقامكم في أرضنا وإنما أنتم عصبة يسيرة، وقد أظلتكم الروم وجهزوا إليكم ومعهم من العدة والسلاح، وقد
1 / 10