كتابنا هذا إلى من وقف عليه من المسلمين، أما بعد: فإنا لنحمد الله إليكم الذي لا إله إلا هو إليكم، ثم إنا ندعوكم إلى جهاد أعداء الله الذين ظلموا العباد، وأظهروا في الأرض الفساد، وشربوا الخمور، ونكحوا الذكور، واستباحوا دماء المحترمين من المؤمنين، فقتلوا الأطفال والنساء، ومن لا يحمل سلاحا من الضعفاء والمساكين، وأنتم تعلمون ذلك ولا تجهلونه، قال الله تعالى: {وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله}، وقال تعالى: {انفروا خفافا وثقالا وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل الله ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون}، وقال تعالى: {إلا تنفروا يعذبكم عذابا أليما ويستبدل قوما غيركم ولا تضروه شيئا والله على كل شيء قدير} وقال سبحانه: {قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره والله لا يهدي القوم الفاسقين} وإياكم والإقتداء بكفرة بني إسرائيل فإنهم كانوا كما حكى الله فيهم حيث قال سبحانه: {لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داوود وعيسى ابن مريم[ق/24] ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون، كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون، ترى كثيرا منهم يتولون الذين كفروا لبئس ما قدمت لهم أنفسهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون، ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما أنزل إليه ما اتخذوهم أولياء ولكن كثيرا منهم فاسقون} وبلغنا عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ((أمراء يكونون من بعدي لا يهتدون بهديي ولا يستنون بسنتي فمن صدقهم بكذبهم وأعانهم على ظلمهم فأولئك ليسوا مني ولست منهم، ولا يردون علي الحوض، ومن لم يصدقهم على كذبهم ولم يعنهم على ظلمهم فأولئك مني وأنا منهم وسيردون علي الحوض)). ومن الإعانة لهم[على ظلمهم] تسليم الأموال إليهم كما بلغنا عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال ما معناه: ((من جبى -أي سلم- لسلطان جائر درهما كبه الله على منخريه)). وبلغنا عنه صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ((المعين للظالمين كالمعين لفرعون على موسى)).
وروي عنه صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ((ليخرجن ناس من أمتي من قبورهم في صور الخنازير بما داهنوا أهل المعاصي، وكفوا عن نهيهم وهم يستطيعون)).
صفحة ٢٦٣