303

النبذة المشيرة إلى جمل من عيون السيرة

تصانيف

لكي يكون لكم ظلا يظلكم .... لأن في ظلهن الروح والنفسا فإن رجع إلى المعقول وقال إن ذلك لم يصدر عن رأيه، وأنهم لم يكونوا من أعوانه فما باله يعتزي إليهم، ثم هو مع ذلك يدعي الإمامة والرئاسة على أهل الحق والزعامة ، والله يقول سبحانه: {ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار}، ويقول: {والذين آمنوا ولم يهاجروا ما لكم من ولايتهم من شيء حتى يهاجروا}، والذي تمسه [ق/205] النار ماللمسلمين من ولايته من شيء، عاص لله سبحانه وتعالى، والعاصي لا يصلح أن تكون له على المؤمنين الرئاسة والزعامة؛ لأن المؤمنين أولياء الله، والعاصي عدو الله، فإن كان متجارئا على الله غير مستحل فهو كافر نعمة الله فاسق، وقد دلت الآية المتقدمة على عدم استحقاقه للإمامة لأنها لم تفصل بين كافر الشرك والجحدان، وبين كافر النعمة والإحسان، وأيضا قال الله تعالى: {أفنجعل المسلمين كالمجرمين، ما لكم كيف تحكمون}،وإذا لم يكن كالمسلمين فبطريق الأولى أن لا يكون أعلى باستحقاقه الرئاسة والزعامة عليهم، وقال تعالى: {أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون} ، وإذا كانوا لا يستوون فبطريق الأولى أن لا يكون الفاسقون أعلى من المؤمنين باستحقاق الإمامة عليهم، وأيضا لا يخلو إما أن يكون راضيا بما يفعلون أولا، إن كان راضيا فقد شاركهم في دماء المسلمين لأن من رضي بالمعاصي فقد شارك فاعلها فيها بدليل قوله تعالى في من عقر ناقة صالح عليه السلام: {فعقروها فأصبحوا نادمين}، وليس العاقر إلا واحدا، وقوله تعالى لليهود الذين كانوا زمن محمد صلى الله عليه وآله وسلم: {فلم تقتلون أنبياء الله من قبل}، وليس القاتل للإمامة إلا الأولون من اليهود، فنسب الله القتل إلى الذين رضوا بفعالهم من الموجودين زمن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وإن قال إنه راض، فما باله يدعو لهم بالنصر! وماباله لم يجاهدهم! فإن زعم أنه لم يدع لهم بالنصر، فإني أشهد الله جميع من عرف ذلك إلا ما شهدوا بما علموا، وإن ادعى أن جهادهم غير واجب عليهم، فذلك لا يخلو إما أن يدعي أنهم محقون في جميع أفعالهم، فذلك كفر لأن من ادعى أن اللواط حق وقتل النفس المحرمة حق، فقد كفر برده كتاب الله سبحانه لأنه ورد بتحريم اللواط، وقتل النفس بغير الحق، وظلم المسلمين، وإن ادعى أنهم لم يفعلوا ذلك، فالناس حياله، وكفى له بذلك خزيا، وإن ادعى أنه لم يجد الناصر فما باله فرق كلمة المسلمين الذين اجتمعوا على حربه ودعوه لقتالهم ومن عليهم أنه لهم من المعينين حتى أخذ قبضة من الدنيا وفر بها إلى من يجب عليه وعلى جميع المسلمين حربهم، فإن قال: إن له حقا بتقدم دعوته وأنه إنما اعتزى إليهم مستجيرا بهم كما استجار المسلمون بالحبشة أيام هاجروا إليهم، وإنما استجار بهم لخذلان الناس له.

صفحة ٨