نور الهدى وظلمات الضلال في ضوء الكتاب والسنة
الناشر
مطبعة سفير
مكان النشر
الرياض
تصانيف
زحفًا (١) حتى يجيء آخرهم يسحب سحبًا (٢).
وقد ذكر الإمام ابن القيم ﵀ أن الأنوار تقسم دون الجسر على حسب الأعمال، فيُعطَى العبد من النور هناك بحسب قوة نوره، وإيمانه، ويقينه، وإخلاصه، ومتابعته للرسول ﷺ في دار الدنيا، فقال ﵀: «فمنهم من يكون نوره كالشمس (٣)، ودون ذلك كالقمر، ودونه كأشدِّ كوكبٍ في السماء إضاءة، ومنهم من يكون نوره كالسراج في قوّته وضعفه، وما بين ذلك، ومنهم من يُعطَى نورًا على إبهام قدمه يضيء مرة ويطفأ أخرى، بحسب ما كان معه من نور الإيمان في دار الدنيا، فهو هذا النور الذي بعينه أبرزه الله لعبده في الآخرة ظاهرًا يُرى عِيانًا بالأبصار، ولا يستضيء به غيره، ولا يمشي أحدٌ إلا في نور نفسه، إن كان له نور مشى في نوره، وإن لم يكن له نورٌ أصلًا لم ينفعه نور غيره، ولما كان المنافق في الدنيا قد حصل له نور ظاهر غير مستمر ولا متصل بباطنه، ولا له مادة من الإيمان أُعطي في الآخرة نورًا ظاهرًا لا مادة له، ثم يُطفأ عنه أحوج ما كان إليه» (٤).
وبيّن ﵀ أن مشي الناس على الصراط بحسب سرعتهم في الخير
_________
(١) من رواية لمسلم، ١/ ١٨٧، برقم ١٩٥.
(٢) من رواية للبخاري، برقم ٧٤٣٩، وانظر: معارج القبول، للشيخ حافظ الحكمي،
٢/ ٨٥٠ - ٨٥٧.
(٣) انظر: مسند الإمام أحمد، ٢/ ٧٧، ٢/ ٢٢٢، وشرح أحمد شاكر للمسند، برقم ٦٦٥٠، ٧٠٧٢.
(٤) اجتماع الجيوش الإسلامية، لابن القيم، ٢/ ٨٦.
1 / 46