نور الهدى وظلمات الضلال في ضوء الكتاب والسنة
الناشر
مطبعة سفير
مكان النشر
الرياض
تصانيف
وفي قوله ﷿ في أول الآية: ﴿وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا﴾ مال الإمام ابن جرير ﵀ إلى أن الروح هنا هو القرآن الكريم، وجزم به الحافظ ابن كثير ﵀، والسعدي ﵀، وقيل: إن الروح هنا: النبوة، وقيل: الرحمة، وقيل: الوحي (١).
وقال الإمام ابن القيم ﵀ في تفسير هذه الآية: «أي جعلنا ذلك الروح نورًا نهدي به من نشاء من عبادنا، فَسمَّى وحيه روحًا، لِمَا يحصل به من حياة القلوب والأرواح، التي هي الحياة الحقيقية، ومن عدمها فهو ميت لا حي، والحياة الأبدية السرمدية في دار النعيم هي ثمرة حياة القلب بهذا الروح الذي أوحى إلى رسوله ﷺ فمن لم يحيَ به في الدنيا فهو ممن له جهنم، لا يموت فيها ولا يحيا، وأعظم حياة في الدور الثلاث: دار الدنيا، ودار البرزخ، ودار الجزاء أعظمهم نصيبًا من هذه الحياة بهذه الروح، وسمّاه نورًا لِمَا يحصل به من استنارة القلوب، وإضاءتها، وكمال الروح بهاتين الصفتين: بالحياة، والنور، ولا سبيل إليهما إلا على أيدي الرسل صلوات الله وسلامه عليهم، والاهتداء بما بعثوا به، وتلقي العلم النافع والعمل الصالح من مشكاتهم، وإلا فالروح ميتة مظلمة، فإن كان العبد مشارًا إليه: بالزهد، والفقه، والفضيلة؛ فإن الحياة والاستنارة بالروح الذي أوحاه الله تعالى إلى رسوله ﷺ، وجعله نورًا يهدي به من يشاء من عباده وراء ذلك كله، فليس العلم كثرة النقل، والبحث، والكلام، ولكن نور يميز به صحيح الأقوال من سقيمها، وحقها من
_________
(١) انظر: جامع البيان عن تأويل آي القرآن، ٢١/ ٥٥٩، وتفسير البغوي، ٤/ ١٣٢، والجامع لأحكام القرآن، للقرطبي، ١٦/ ٥٣، وتفسير القرآن العظيم، لابن كثير، ٤/ ١٢٤.
1 / 39