نور الهدى وظلمات الضلال في ضوء الكتاب والسنة
الناشر
مطبعة سفير
مكان النشر
الرياض
تصانيف
والإعراض، والمعاصي؟ ليس بخارجٍ منها؛ قد التبست عليه الطرق وأظلمت عليه المسالك، فحضره الهمُّ، والغمُّ، والحزن، والشقاء، فنبه ﷿ العقول بما تدركه وتعرفه، أنه لا يستوي هذا ولا هذا، كما لا يستوي الليل والنهار، والضياء والظلمة، والأحياء والأموات، فكأنه قيل: فكيف يُؤثِر من له مسكة من عقل أن يكون بهذه الحالة، وأن يبقى في الظلمات متحيِّرًا؛ فأجاب بأنه ﴿زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ﴾، فلم يزل الشيطان يُحَسِّن لهم أعمالهم، ويُزَيِّنُها في قلوبهم، حتى استحسنوها ورأوها حقًا، وصار ذلك عقيدة في قلوبهم، وصفة راسخة ملازمة لهم (١).
٨ - وقال ﷾: ﴿يُرِيدُونَ أَن يُطْفِؤُواْ نُورَ الله بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى الله إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ﴾ (٢).
بيّن وأوضح ﷾ أن اليهود والنصارى ومن معهم من المشركين
﴿يُرِيدُونَ أَن يُطْفِؤُواْ نُورَ الله بِأَفْوَاهِهِمْ﴾ ونور الله: دينه الذي أرسل به محمدًا ﷺ، وسمّاه الله نورًا؛ لأنه يستنار به في ظلمات الجهل، والأديان الباطلة؛ فإنه علمٌ بالحق، وعملٌ بالحق، ويدخل في هذا النور حجج الله على توحيده؛ فإنّ البراهين نور لما فيها من البيان، فهؤلاء اليهود والنصارى ومن ضاهاهم من المشركين يريدون أن يطفئوا نور الله بمجرد أقوالهم الباطلة، وجدالهم، وافترائهم، فمثلهم كمثل من يريد أنْ
_________
(١) انظر: جامع البيان عن تأويل آي القرآن، للطبري، ١٢/ ٨٨، ومدارج السالكين، لابن القيم،
٣/ ٢٥٨، وتفسير القرآن العظيم، لابن كثير، ٢/ ١٦٣، وتيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، للسعدي، ص٢٣٤.
(٢) سورة التوبة، الآية: ٣٢.
1 / 16